ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحباب | 203
(193-206)

- بالخدمة والتودد لضيفان ذلك الكريم النازلين بإذنه في أرضه، وكذلك الحيوانات.
نعم اين حس الزهرة وشعور البهيمة، واين درك غايات نقوش الحِكَم ولطائف محاسن الكرم المودعة في جلوات الازاهير بتزييناتها، وتطورات الأنعام بمنافعها؟ فما هذه الحالات الا تعرُّفُ ربٍ كريم وتودُده وتحبّبه الى عباده وضيوفه جلّ جلاله وعمَّ نواله وشمل احسانهُ..
اعلمي! ايتها النفس المشؤومة! انك تطلبين كلَّ لوازمات المراتب المختلفة في كل مرتبةٍ، وحاجاتِ كل الحواس في حاجة كل حسٍ، واذواق كل اللطائف في درجة كل لطيفةٍ، وشعاعات كل الاسماء الحسنى في كلّ اسمٍ، وعظمةَ المؤثر خلفَ كل أثرٍ ومصنوعٍ، وخواصَ المعنى الخارجي في المدلول الظلي(1)، بل في الدال. فاطلبي من كلٍ مايليق به ومايَسَعه لئلا تستهوي بك الاوهامُ..
اعلم! انه لابد اذا رأيت نفسَك بعظمتها ان تنظر الى ما هو اعظم منك من السموات وغيرها، واذا رأيت ما هو اصغر منك من الهوام والحشرات فانظر الى حجيرات جسدك وادخل مع نظرك في حجيرة منها، ثم انظر اليها حتى ترى البعوضة فما فوقها اكبر منك، لئلا يسقط في عينك اهمية الحِكمة والرحمة والنعمة واتقان الصنعة فيك. واذا رأيت الغير الغير المحدود المماثلين لك في النِعم، فانظر الى احتياجك وعَجز نفسك وحكمة النعمة، لئلا تهون عندك قيمة نعمتك.
نعم، هل يخفّف احتياجك الى العين وجودُ العين في عموم الحيوان؟. ام هل ينقص الشمول اثر القصدوالانعام الخاص؟ كلا، بل يشدّه ويزيده..
----------------

(1) المعاني المتولدة في الذهن (ت:103).

لايوجد صوت