ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحباب | 201
(193-206)

اسمائه والى اسرارٍ له في الفعالية الشؤونية، غير ما يعود الى المستهلكين من الفوائد الجزئية. فلايمكن ان يكون منشأ هذا الفيض العام قوّة عمياء تسيل منها هذه الثمرات كالسيل، ثم تلعب بها يد التصادفات والاتفاقيات؛ اذ تشخصاتها المنتظمة الحكيمة وخصوصياتها المتقنة الشعورية تردّ يد التصادف الاعمى والاتفاقية العوراء رداً قطعياً يقيناً. فبالضرورة تدل هذه الرخيصية المبذولة والسهولة نوعاً وكمّاً، والاتقان والاقتصاد فرداً وشخصاً وكيفاً، وتشهد على الجود المطلق من الجواد المطلق والحكيم المطلق والقدير المطلق جلّ جلالهُ وعمّ نوالهُ وشمل احسانه.
فسبحان مَن جَمع نهاية الجود المطلق مع نهاية الحكمة المتقصدة، وادرج الفيض المطلق الغير المحدود في ظروف النظام التام والميزان الحساس والعدل العادل.. الحساسة - تلك الثالثة - بدرجة: تجبر الفيل لمدافعة الذباب العاض على ذرة من جسمه الجسيم، وتقلق هذا الانسان المتكبر، الذي يحكّ بيافوخه(1) كتف السماء بطعن البعوض (رُميحته) فيتشمر لمقاتلته ﴿ضَعُفَ الطالبُ والمَطلوب﴾ (الحج:73).. ويسكن غضبُ البحر ويسكت غيظُ العاصفات وتسكن حدةُ البرودة بدعاءٍ خفي من قلب منكسر لصبيّ نجا على لوح منكسر في البحر اللجيّ.. ﴿أمَّنْ يُجيبُ المُضطرَّ اذا دَعاه﴾ (النمل:62) يجيبه مَن يسمع هواجس القلب والسر ويحكم على حركات الشمس والقمر، جلّ سلطانه..
اعلم! يا ايها المبتلى بالاسباب، ان خلق السبب وتقدير سببيته وتجهيزه بلوازم انشاء المسبَّب، ليس باسهل وأولى واكمل وأعلى من خلق المسبَّب عند السبب بامر (كن) ممن يتساوى بالنسبة اليه الذراتُ والشموسُ..

-----------------

(1) مثل يضرب على التكبر.

لايوجد صوت