نعم وبدون نوره تبكي الوجودات لك اعداماً، والانوار ظلماتٍ، والاحياء امواتاً، واللذائذ آلاماً وآثاماً، ويصيرُ الأودّاء بل الاشياء اعداء، وما البقاء بدونه الاّ بلاء، والكمال هباء، والعمر هواء، والحياة عذاب، والعقل عقاب، وتبكي الآمالُ آلاماً..
مَن كان لله تعالى كان له كل شئ، ومَن لم يكن له كان عليه كل شئ، والكون له بترك الكل له والاذعان بأن الكلّ مالُه.. وهو الذي فطرك بصورة احاطت بك دوائرُ متداخلة من الحاجات وجهّزك في اصغرها التي نصف قطرها مدّ يدك باقتدار واختيار. وجهّزك في البواقي التي وُسعت بعضها كما بين الازل والابد والفرش والعرش بالدعاء فقط.. وفي التنزيل ﴿قُل مَا يَعبؤا بِكُم ربي لَولاَ دُعاؤكم﴾ (الفرقان:77) فالصبي ينادي ابويه فيما لايصل يدهُ اليه؛ فالعبد يدعو ربَّه فيما عجز عنه.
اعلم! ان كمال صنعة كل شئ واتقانها، ما هو الاّ من سر الوحدة. ولولا الوحدة بلا توزيع وبلا تجزؤ وبلا تزاحم لتفَاوَتَت المصنوعات. كوحدة الشمس ووجودها بالتجلي في كل مامسه ضياؤها.. من ذرةٍ شفافة الى وجه البحر، ولا يشغلها شئ عن شئ. فهذا السر تشاهده في هذه الشمس الممكنة المسكينة المقيدة المحدودة الجامدة الميتة التي هي قطرة متلمعةٌ بتجلي شعلةٍ من اسم النور الحق. فكيف شمس الأزل والسلطان الابد والقيوم السرمد الواجب الوجود الواحد الأحد الحي القدير الصمد جل جلاله؟. ﴿ولله المَثل الأعلى﴾ فوحدة الضياء المحيط تشير الى الواحدية، ووجود الشمس بخاصيتها بالتجلي في كل جزء وذرة من ذلك الضياء المحيط يرمز الى الأحدية. فتأمل!.
اعلم! ان من اصدق شواهد الاحدية: