ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | زهرة | 258
(255-282)

اعلم!(1) ان مايوصل اليك - بحسب الظاهر - من الوسائل؛ إمّا له اختيار أو لا. وما لا اختيار له، لاريب انه يعطيك ما يعطيك بحساب الله وباسمه. فخذ وكُل انت باسم الله، وتوجَّه بتمام شكرك اليه.. وإما له اختيارٌ ما، فلا تأخذ ولاتأكل منه ما لَمْ يُذكَرِ اسمُ الله عَليهِ، أي باخطار صاحبه الحقيقي وبتوجيه نظرك اليه كما ترمز اليه الآية: ﴿ولا تأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ الله عليه﴾(الانعام:121).. فان لم يَذكُر هو، فاذكر انت. وانظر من فوقه الى مَن أنعمَ عليه وعليك. فانظر في النعمة الى الانعام، ومنه الى المنعم الحقيقي. فاشكره بهذا النظر، فإن هذا النظر شكرٌ، ثم ارجع ان شئت وانظر الى الوسيلة وادعُ له مُثنياً عليه بسبب ارسال النعمة على يده. واياك اياك ياقلبي ان تنظر اوّلاً وبالذات الى المنعم الظاهري..
الحاصل: لابد من (بسم الله): مرتين في المختار، ومرة في غيره. واياك اياك يانفسي ان تظني (الاقتران علّية..) فقد يقارن وصولُ نعمةٍ فعلَ أحدٍ، فيظنُ قاصرُ النظر أن فعله علّتُها، كلا!. واياك ان تجعل عدمَ نعمةٍ عند عدمِ شئ دليلاً على ان وجودَ ذلك الشئ علةُ وجودها. فقد تترتب النتيجةُ على الوفِ امورٍ، فلاتوجد - بسنّة الله - تلك النعمة لفِـقَدْ اي جزءٍ كان ولو اضعف الامور. فهل يجوز لمن فتحَ قنطرة جدولٍ فسال الماءُ على نواة وبذر فانشجرت وتسنبلت، ان يدّعي ان الشجرة صُنعهُ ومُلكه ومالهُ حقيقةً؟ فهذه المسألة ميزان تُعرف به درجاتُ الغفلة والشرك الخفي..
واياك اياك ياقلبي ان تسنِد مايُفاض على الجماعة او يتظاهر منها او يتحصل من مساعيها اليكَ والى غيرك من ممثل الجماعة او استاذها او مرشدها؛ اذ مع ان هذا الاسناد والتصوّر ظلمٌ عظيم يوقع المسنَد اليه - المستتر فيه (انا) - في غرور عظيم، وانانية غليظة،

-----------------------

(1) المسألة الرابعة من المذكرة الثالثة عشرة للّمعة السابعة والعشرين توضح هذه المسألة. وفي (ط1): اعلم يا سعيد الشقي: ان ما يوصل...

لايوجد صوت