ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الزهرة | 286
(283-296)

مالكيته وتصرفه بمظهرية الشئ لانواع تجليات اسمائه، وما تعود الى الحي الاّ بدرجة تلبّسه الجزئي.
وان كل شئ من الاشياء يصير هدفاً مشتركاً بين ذوي العقول، فلا يصير عبثاً اصلا؛ اذ إذا لم يطالعه هذا هنا الآن، طالعه هؤلاء، ومع ان وجوه استفادة كل أحدٍ من كل شئ في غاية الكثرة، وان جنود الله لا تحصى ﴿وَمَا يعلمُ جنودَ رَبّك إلاّ هو﴾(المدثر:31). فلا شئ في الكون الاّ ويتزاحمُ عليه - بلا مزاحمةٍ - انظارُ مَن لا يحصى من الملائكة المسبّحين المقدّسين باجناسهم وانواعهم المالئين للكون، ومن الجان المتحيرين المتفكرين باقسامهم واصنافهم، ومن الارواح المكبّرين المهللين بطوائفهم، وقبائلهم وغيرهم ممن لا يمنعهم كثيفات الاشياء عن رؤية ما في اجوافها، ولا يشغلهم شهودُ شئ عن شئ، وفوق الكل رؤية صانع الكل لصنعته.. وكذا كثير من الناس المؤمنين المتنبهين، بل وكذا الحيوانات المتحسسات المتأثرات بحواسهم.
فان قلت: أية آيات كتاب الكائنات تدل على وجود معتبرين و متحيرين و متفكّرين ومسبحّين من غير الانسان؟ واي سطرٍ من ذلك الكتاب يشير اليه؟.
قيل لك: آية النظام في سطر الميزان من صحيفة الحكمة.
الا ترى انك اذا ذهبت الى دار تمثيل - مثلا - فرأيت في تلك الدار انواعاً كثيرة من الغرائب التي تتحير فيها الانظارُ، واصنافاً من الملاهى التي تستحسنها الاسماعُ، واقساماً متنوعة من السحر والشعبذة التي تتلذذ بها العقول والخيال. وهكذا من كل ما يتلذذ به مالا يحد من لطائف الإنسان وحواسه وحسياته، ثم نظرت في ساحة محل التمثيل، فما رأيت الاّ صبياناً صماً عمياً مفلوجي الحواس والحسيات الاّ قليل منهم. فبالضرورة العرفية تتفطن وتتيقن بأن خلف هذه الحُجُب والاستار المرسلة على وجوه الجدار عقلاء مختلفون في الاذواق والمشارب لهم حواسُ سليمة جاءوا للتنزّه، يشتاقون لكل ما ابدع وشهر في ذلك المجلس، ويرونك والتمثيل من حيث لا ترونهم.

لايوجد صوت