ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذرة | 306
(297-307)

اعلم! ان الشرك الخفي الناشئ من الانانية، اذا تصلب انقلب الى شرك الاسباب،(1) وهو اذا استمر تحوّل الى الكفر، وهو اذا دام تبدل الى التعطيل، والعياذ بالله...
اعلم! ان طلَب الضياء في طور الظلمة مع محافظة النفس عليها وتطبعها بها اليم شديد، مخل بحرمة الضياء، ومُلوث له. فلابد من التعري والانسلال من الظلمة. ثم النظر منها - لا فيها - الى الضياء ..
اعلم! ان من الاعاجيب: ان الانسان خُلق ليكون فاتحاً وكاشفاً مريئاً، وبرهاناً نيّراً، ودليلاً مبصّراً، ومعكساً نورانياً، وقمراً مستنيراً للقدير الازلي، ومرآة شفافة لتجلي الجمال الازلي. وقد انجلت وتصيقلت بحمل الامانة التي تدهّشتْ من حملها السموات والارض والجبال. اذ من مضامين تلك الامانة صيرورة الانسان واحداً قياسياً لفهم الصفات المحيطة، وصيرورة ما فيه من (انا) - الذي هو النقطة السوداء بالغفلة والشرك الخفي - مفتاحاً لتنوير الصفات. فكيف ولأي شئ صار اكثر الانسان حجاباً وباباً وسداً. وكان لازماً عليه ان يفتح فاغلق.. وان ينوِّر فاظلم.. وان يوحِّد فاشرك.. وان ينظر بمرصاده الى الله فيسلم الملك اليه ، لكن نظر الى الخلق بمرصاد (انا) ، فقسّم ملك الله عليهم.. نعم، ان الانسان لظلوم جَهُول.
اعلم! يا نفسي، ان ارضيتِ خالقك بالتقوى والعمل الصالح، كفاك ارضاء الخلق. فان رضوا منك بحسابه تعالى فنافعٌ، وبحساب انفسهم فلا فائدة. اذ هم عاجزون مثلك. فان اردت الشق الاول فارض ربك، وان أردت الثاني اشركت بلا فائدة.
الا ترين ان مَن ذهب الى مقر سلطان مطلق لمصلحة، ان ارضاه تمت بلا كلفة، مع محبة الرعية له. وان طلبها ممن تحت حكمه

-------------------------

(1) المقصود بالانانية: الغرور وتفسير كل شئ وفق ما يطلبه (أنا) اما شرك الاسباب فيعني اعطاء الامور والتصرف بيد الاسباب. والفقرتان التاليتان توضحان المسألة.

لايوجد صوت