ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثانية | 310
(308-313)

الاشياء، بَل يقول: كن فيكون، ولا يحكم عليه شئ، يفعل ما يشاء لا اله الا هو.
اعلم! ان شُميسة الحباب كما انها جزء كذلك جزئي؛ اذ هي شمسٌ بالهوية الظلّية دون الماهية الاصلية فهي لا هي ولا غيرها. فاشتراك الكائنات في الشمس لا ينقص من حصة الحباب شيئاً سواء وجودها وعدمها بالنسبة اليه. فللحباب ان يقول: الشمس بالتمام لي وفيّ، متوجهة الىّ..
اعلم! ان ما يتصاغر ويتباعد عن دائرة الاسم الظاهر العظيم الواسع يتقارب ويتقيد بدائرة الاسم الباطن النسبي أو الحقيقي ﴿والله مِنْ وَرَآئِهِمْ مُحيط﴾ (البروج:20) باسمائه(1). فالانسان بذهنه الجزئي المحدود المقيد الفاني فيما تعلق به، ينظر الى عظمته تعالى وتدويره للسيّارات حول الشمس، فيستبعد منه ان يشتغل بخلق الذباب مثلا، بقياس الواجب على الممكن المسكين قياسا شيطانياً. فمن هذا القياس ينشأ ظلم عظيم للمخلوقات الصغيرة، وتحقيرلهم؛ اذ ما من شئ الا ويسبح خالقه، ولايتنزل لان يكون له رب غير مَن صيّر الدنيا بيته، والشمس سراجه، والنجوم قناديله، كأنه ليس في الدنيا الا ذلك الشئ الحي. فلا يجوز للكبير ان يتكبر على الصغير، اذ الوجود كالحق، لا فرق بين القليل والكثير. وكم من قليلٍ كثيرٌ، وكثير قليل...
اعلم! ان كل شئ من شمس الشموس الى ثمرة الشجرة اذا امعن النظر يُرى انه اُنتخب واختير ومُيّز مما لا يحد. فاي شئ كان ينظر الى ما لا يتناهى، فلا يتصرف فيه بالذات الا من لا نهاية لتجليات صفاته. فتأمل!

---------------------

(1) محيط بعلمه وارادته وقدرته وبسائر صفاته الجليلة (ت: 171) فلا شيء خارج دائرة احاطته.

لايوجد صوت