ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 334
(332-392)

يشير بل يصرح بامتلآء السموات ذات البروج - تلك القصور المزينة - من ذوي الادراك.
وكذا ان تزيين الكائنات بجميع هذه التزيينات والمحاسن والنقوش مستلزمةٌ لوجود انظار متفكرين مستحسنين بالحيرة والتقدير؛ اذ لا يُظهَر الحُسن الاّ لعاشق، كما لا يُعطى الطعام الا لجائع. مع انه لا يكفي الجن والانس لعُشر معشار عشير هذه الحشمة والوظيفة، بل لا تقوم بها الا ما لا يعد من انواع الملائكة والروحانيات.
الثانية: ان للارض علاقة مع السماء ومعاملة معها وارتباطا يجئ منها اليها اشياء، من الضياء والحرارة والبركات وغيرها. فبالحدس القطعي نعلم ان للارضيين طريقاً يصعدون فيها الى السماء، اذا خَفّوا بوضع اثقالهم وخلع اجسادهم كالانبياء والاولياء والارواح.
الثالثة: ان سكونة السماء وسكوتها وانتظامها واطرادها تدل على ان اهلها ليس كأهل الارض التي فيها اضطراب وتذبذب واختلافات وامتحان بمشاجرات، بسبب اختلاط الاشرار بالاخيار واجتماع الاضداد، بل كل اهل السماء مطيعون يفعلون ما يؤمَرون.
الرابعة: ان لمالك يوم الدين ولرب العالمين اسماءٌ متغايرةٌ احكامها، فالاسم الذى اقتضى انزال الملائكة للمحاربة في صف الصحابة مع الكفار، يقتضي وقوع المحاربة بين الملائكة والشياطين؛ أي السماويين الاخيار والارضيين الاشرار. الا ترى السلطان كيف يفعل ؟ اذ قد يقتضي شأن سَطوته واسم حشمته تشهير استحقاق المكافأة والمجازاة على رؤوس الأشهاد، او اعلان تعظيم بعض خدامه، بان لا يعامِلهم بعِلْمِه بهم فقط، وبتلفونه الخاص، بل يأمر الوزيرَ فيحشّد الناس لميدان مبارزة محتشمة، وامتحان علوي، واستقبال سياسي..
الخامسة: انه لابد ان يقلِّد اشرار الروحانيات اخيارهم في تشبث الذهاب الى مملكة السماء للطافتهم، ولابد ان لايقبلهم اهلُ السماء ، بل يطردونهم لشراراتهم. ولابد في حكمة سلطنة الربوبية ان يكون لهذه

لايوجد صوت