ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 364
(332-392)

الارض للتعمم(2) بلفائف الليل والنهار، والتقمص بحلتي الصيف والشتاء. ولمشاهدة تجدد جلوات الاسماء على المظاهر السيالة والمرايا المتحولة والالواح المتبدلة في اختلاف الليل والنهار.
وكذا، ان في جنبي الايمن من الفقر الغير المحدود قرحةً مستوليةً، فمع اني اعجزُ من اعجز حيوان من جنس الحيوان، انى افقرُ من جميع الحيوانات، اي: حاجاتي المعنوية والمادية تساوي حاجات الكل، مع ان اقتداري اقل من فعالية عصفورة. فان تداويت بشفاء القرآن انقلب الفقرُ المطلق الاليم، شوقاً لذيذاً الى ضيافة الرحمة، واشتهاء لطيفاً لتناول ثمرات رحمة الرحمن الرحيم. فيزداد لذةُ الفقر والعجز بمراتب على لذة الغناء والقوة. والاّ بقيت في آلام ازعاجات الحاجات، وفي ذل السؤال والتعبد لكل ما عنده حاجة من مطالبي، والتذلل لكل شئ.
وفي جنبي الايسر ايضا جرح عميق هو عجز وضعف بلا حد في مقابلة اعداء ومهالك بلا عد. فألم الخوف يزيل لذة الحياة الدنيوية.. فان انصتُ بالتسليم لدعوة القرآن، انقلب عجزي تذكرة دعوة للاستناد بالقدير المطلق، والاتصال بسر التوكل بنقطة استناد فيها امن وامان من الاعداء. والاّ بقيتُ مضطرباً بين اعداء متشاكسين لا تعد بعجز لا يحد.
وكذا انّي على جناح سفر طويل، يمر على القبر والحشر الى الابد، فلا يرينا العلم والعقل نوراً ينوّر ظلمات تلك الطريق، ولا يعطينا رزقاً يصير زاد ذلك السفر؛ إلاّ ما يُقتبس من شمس القرآن ويؤخذ من خزينة الرحمن. فان وجدت شيئاً يمنعنى عن هذا السفر، لكن غير قطع الطريق بالضلالة التي هي قبول السقوط من فم القبر في دهشة ظلمات العدم الذي هو اهول وادهش، فقل.. وإلاّ فاسكت حتى يقول القرآن ما يقول. فبعدما قرأتْ هذه الآياتُ الخمسة(1) من

-----------------

(2) لبس العمامة.
(1) وهي: زوال الدنيا، موت الانسان، عجزه وفقره وسفره الطويل.

لايوجد صوت