ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 362
(332-392)

الى رجل هو في وضعيةٍ مدهشة؛ اذ خلف هذا الرجل اسد عجيب متهئ للهجوم في كل آن ، وقدام الرجل آلة الصلب قد نُصِبتْ، وفي جنبيه جرحة عميقة قد انفرجت ، وقرحة مزعجة قد انفجرت.. وفي يديه علاجان اذا استعملهما، انقلب باذن الله الجرحان وردين محمّرين. وفي لسانه وقلبه طلسمان اذا استعملهما انقلب بامر الله الاسدُ فرساً يركبه الى حضور سيده الكريم الذي يدعوه الى دار السلام يضيّفه. وانقلب حبلُ الفراق والصلب المتدلى من شجر الزوال والفناء بلطف الله آلةَ السير والتنزه، والمرور بالاهتزاز على المناظر السيالة المتجددة وعلى المرايا الجوالة المتبدلة، لازدياد لذة تجدد تجليات الجمال المجرد الدائم التجلي والظهور، على مر الفصول والعصور والدهور. ولازدياد اللذة في تجدد صور الانعام والنعم على مر الانام والايام والاعوام. ثم يقول ذلك السكران الذي هو ايضا في مثل تلك الوضعية لذلك الرجل: اترك الطلسمين واطرح العلاجين وتعال نلهو ونلعب ونرقص ونطرب! فيقول له الرجل: يكفي لكيفي ما يساعده حرز الطلسمين وحفظ العلاجين. ولا يمكن اللذة والسعادة في ما عداه. ان امكن لك ان تقتل اسد الموت الذي (لا يموت الا في الجنة) (1).. وان ترفع هذه الآلة المسمَّرة في الارض الى الثرى بحكم حاكم الارض، أي تزيل آلة الزوال بتبديل الارض غير الارض.. وان تشفى من هذا الجرح المستولى على كلَّية حياتي، بتبديل حياتي العاجزة الفانية حياةً باقيةً قادرة على الاطلاق وان تبرئ هذه القرحة المحيطة بكلية ذاتي، بتحويل ذاتى الفقيرة ذاتاً سرمديةً غنيةً على

-----------------

(1) عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : قال رسول اللهy:((يؤتى بالموت كهيئة كبش املح. فينادي منادٍ : يا اهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون. فيقول لهم : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون: نعم ، هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي منادٍ : يا اهل النار ،فيشرثبون وينظرون. فيقول لهم: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه. فيذبح بين الجنة والنار ،ثم يقول يا اهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت. ثم قرأ: ﴿وانذرهم يوم الحسرة اذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون﴾(مريم : 39) واشار بيده الى الدنيا)) صحيح: رواه البخاري في تفسير هذه الاية، ورواه مسلم برقم 2849.

لايوجد صوت