ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 363
(332-392)

الاطلاق. واذ لم يمكن لك هذه الامور (الاربعة) لا يتيسر لك ايها الشيطان السكران ان تخدع الا مثلك سكراناً بسُكرٍ لا يميز بين الضحك والبكاء، والبقاء والفناء ، والدآء والدواء، والهوى والهدى. واما انا (فحسبي الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير) .. فاذا تفطنت لسر التمثيل، او اشتقت الى رؤية صورة الحقيقة..
فاعلم! ان تلاميذ المدنية السفيهة الضالة وطلبة الفلسفة السقيمة المضلة، قد سكروا باحتراصات عجيبة وتفرعنات غريبة، فجاؤوا يدعون المسلمين الى اتباع عادات الاجانب، وترك شعائر فيها شعور واشعار بانوار الاسلام، فيقابلهم تلامذة القرآن بـ:
يا ايها الضالون الغافلون! ان اقتدرتم ان ترفعوا من الدنيا الزوال والموت. ومن الانسان العجز والفقرَ فاستغنوا من الدين وشعائره، والاّ فاخسئوا واتركوا وسوستكم ودمدمتكم التي هي كزمزمة الذباب في ما بين نعرات هذه الرعود الاربعة ، والآيات التكوينية المنادية بأعلى صوتها على لزوم الدين بشعائره ﴿وَاذَا قُرِئَ القُرآنُ فاسْتَمِعوا لَهُ وَانْصِتوُا لَعَلَّكُمْ تُرحَمُونَ﴾(الاعراف:204).
نعم، ان خلفي اسد الاجل يهددني دائماً، فان استمعت بسمع الايمان صدى القرآن، انقلب الاسد فرساً، والفراق براقا يوصلني الى رحمة الرحمن الرحيم والى حضور سيدى الحنان الكريم. والاّ صار الموت اسداً مفترساً يمزقني على رغمي، ويفرّقني عن جميع محبوباتي فراقاً ابدياً. وكذا بين يدي وامامي آلات الفناء والزوال، قد نُصبت وتدلت في اختلاف الليل والنهار، وآلات الهلاك والفراق قد تموجت على امواج الفصول والعصور. فهذه الآلات نصبت لصلبي مع جميع احبابي، فان اصغيت بصماخ الايقان لارشاد القرآن انقلبت تلك الآلات مركب السير والتنزه في نهر الزمان وبحر الدنيا لمشاهدة تجدد تجليات شؤونات القدرة على صفحات الفصول، بزنبرك(1) الشمس وسير القمر ودوران

-----------------

(1) المحرك، النابض.

لايوجد صوت