ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 361
(332-392)

اعلم! ان من وظائف الحياة الانسانية؛ فهم الانسان بمقياسية جزئيات صفاته وشؤونه وشؤون ابناء نوعه او جنسه، لصفات فاطره وشؤونه. واما فهم عظائم شؤونه الحشرية والاخروية وكليات افعاله في القيامة واحياء الاموات؛ فتحتاج لفهمها بالاذعان الى جعل الفاعلية في الحشر الربيعي والقيامة الخريفية، قياساً لشؤونه في القيامة الكبرى. انظر الى الربيع لترى فيه تنظيراً - كتفسيرٍ - لأمثال: ﴿اِذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ﴾ (التكوير:1)...
اعلم! ان من عظمة احاطة الاسلامية، امتداد اساسات جدرانها من اعلى عليي كليات صفات ذي العرش، ومسائل خلق العرش والسموات والارض وملائكتها، الى جزئيات خطرات القلب. مع امتلاء ما بينهما بدساتير محكمةٍ رصينةٍ.

بسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحِيْم
﴿فَلاَ تَغُرَّنّكُمُ الْحَيوةُ الدّنْيَا ولا يَغُرنّكم بالله الغَروُر﴾ (لقمان:33)
اعلم!(1) يامن يدعو المسلمين الى الحياة الدنيوية التي هي لعب في نوم ولهو، ويشوقهم للخروج من دائرة ما احلّه الله من الطيبات الكافية (لكيفهم)(2)، الى الدخول في دائرة ما حرَّمه من الخبيثات المنغّصة التي تجبرهم على ترك بعض شعائر دينهم او ترك دينهم.. ان مثلك معهم(3) كمثل سكران بسكر لا يميز بين الاسد المفترس، والفرس المؤنس؛ ولا يفرق بين آلة الصَلب، وآلة لعب الصبيان من الحبل المتحرك في الهواء؛ ولا يعرف الجرح المبرّح من الورد المفرّح، بل يظن الاسد فرساً، وآلة الصلب حبل اللعب، والجرح المقشعر الورد المحمر. ومع ذلك يظن نفسه مرشداً مصلحاً.. فجاء

---------------------

(1) الدرس الثالث من رسالة (المدخل الى النور).
(2) لمسرّاتهم البريئة المباحة شرعاً.
(3) جاء هذا المثال بوضوح تام في الكلمة السابعة.

لايوجد صوت