ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 390
(332-392)

والعبودية باعلان عجزهم في ضعفهم وفقرهم في فاقتهم. فادوا وظائف حياتهم في هذه الدار، حتى صاروا في احسن تقويم، اعلى من كل الخلق خليفة اميناً ذا امانة، ويمُن وايمانٍ. ثم دعاهم ربُّهم الى دار السلام للسعادة الابدية فاكرمهم بما لاعينٌ رأت، ولا اذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
واما الفريق الآخر الفجار الاشرار، فكفروا فحقَّروا بالكفر جميعَ الموجودات باسقاط قيمتها كما مر سابقاً. وردوا جميع تجليات الاسماء فجنوا جناية غير متناهية فاستحقوا عقاباً غير متناه.
ايها السعيد المسكين!. اتحسب ان وظيفة حياتك حُسنَ محافظةِ النفس والتربية المدنية وخدمة البطن والهوسات؟.. ام تحسب ان غاية ادراج هذه الحواس والحسيات، والجوارح والجهازات، والاعضاء والآلات، واللطائف والمعنويات في ماكنة حياتك استعمالها في هوسات النفس الدنية في هذه الحياة الفانية؟ كلا! بل ما حكمة ادراجها في فطرتك، الا احساسُك جميع انواع نِعَمه تعالى، وإذاقة معظم اقسام تجليات اسمائه. فما غاياتها، الا ان تزن بتلك الموازين مدخرات خزائن رحمته، وان تفتح بتلك الجهازات مخفيات كنوز جلوات اسمائه جل جلاله؛ بل ما غايات حياتك الا اظهارك وتشهيرك بين اخوانك المخلوقات ما في حياتك من غرائب جلوات اسمائه.. ثم اعلانك بحالك وقالك عند باب ربوبيته عبوديتك.. ثم تبرجك وتزيّنك بمرصعات جواهر جلوات اسمائه للعرض والظهور لنظر شهود الشاهد الازلي.. ثم فهمك لتحية ذوي الحياة بالتسبيحات لواهب الحياة، ومشاهدتك لها، وشهادتك بها، واشهادك عليها.. ثم فهمك بمقياسية جزئيات صفاتك وشؤونك لصفات خالقك وشؤونه المطلقة المقدسة.. ثم فهمك الكلمات الموجودات الناطقات بتوحيده وربوبيته.. ثم تفطنك بامثال عجزك وفقرك لدرجات تجليات قدرته وغناه.
وما ماهية حياتك، الا خزينة وخريطة وانموذج وفذلكة ومقياس وميزان وفهرستة لغرائب اثار جلوات اسماء خالق الموت والحياة.

لايوجد صوت