ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نقطة | 436
(432-450)

الخالق الحكيم، بوجودها المنفرد، وبصفاتها الخاصة، وبكيفياتها المعينة، فان هذه الدلالة تتزايد، باعتبار كون الذرة جزءاً من مركبات متداخلة متصاعدة، ومن حيث الامكانات والاحتمالات التي تسلكها، اذ لها في كل مركب مقام، وفي كل مقام نسبة معينة وارتباط معين، وفي كل نسبة لها وظيفة خاصة، وفي كل موقع تحافظ على التوازن العام، وفي كل وظيفة تثمر مصالح شتى وحكماً عديدة. في كل مرتبة اذاً تتلو الذرة بلسانها الخاص دلائل وجوب وجود صانعها الجليل وتظهر قصد خالقها الحكيم، وكأنها ترتل الآيات الكريمة الدالة على الوحدانية. مثلها في هذا كمثل الجندي الذي له وظيفة معينة وارتباط خاص مع كلٍ من فصيله وفرقته والجيش كله.. ألا تكون اذاً البراهين الدالة على الله سبحانه وتعالى أكثر بكثير من عدد ذرات الكون، فما يقال من أن: (الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق) انما هي حقيقة صادقة لا مبالغة فيها قط، بل قد تكون قاصرة.
• سؤال: لماذا لايرى الجميع بعقولهم الخالق العظيم ؟
الجواب: لكمال ظهوره جل وعلا، ولعدم الضد.
تأمل سطور الكائنات فانها من الملأ الاعلى اليك رسائل
فهذا الكتاب الكوني العظيم يتجلى فيه النظام بوضوح تام بحيث يُظهر النّظام كالشمس في رابعة النهار، فتظهر معجزة القدرة في كل كلمة أو حرف فيه. فتأليف هذا الكتاب البديع فيه من الاعجاز الباهر بحيث لو فرضنا - فرضاً محالاً - ان كل سبب من الاسباب الطبيعية فاعلاً مختاراً، لسجدت تلك الاسباب جميعاً - بكمال العجز - أمام ذلك الاعجاز، قائلة: سبحانك... لاقدرة لنا... انك انت العزيز الحكيم. اذ انك ترى أن في هذا الكتاب من النظم الدقيق المتشابك المتساند بحيث يلزم لايجاد نقطة في مكانها الصحيح قدرة مطلقة تستطيع ايجاد الكون كله، وذلك لأن كل حرف من حروفه - ولاسيما ما كان ذا حياة - له وجه ناظر الى كل جملة من جمل الكتاب، وله عين شاخصة اليها، بل

لايوجد صوت