الشريعة الفطرية هي التي تسمى بـ(سنة الله) و (الطبيعة) وهي محصلة وخلاصة مجموع القوانين الاعتبارية الجارية في الكون.
أما ما يسمونه بـ (القوى) فكل منها هو حكمٌ من احكام هذه الشريعة.
و(القوانين) كل منها عبارة عن مسألة من مسائلها.
ولكن لاستمرار احكام هذه الشريعة واطراد مسائلها توهّم الخيال فجسّمها في (الطبيعة) واعتبرها موجوداً خارجياً مؤثراً وحقيقة واقعية فاعلة، بينما هي امر اعتباري ذهني. فترى النفوس التي ترى الخيال حقيقة والامر الاعتباري الذهني امراً خارجياً ألبست هذه الطبيعة طور المؤثر الحقيقي. والحال لا يقنع القلبُ بأي مبرر، ولا يعجب الفكر بأي مسوغ، بل لاتأنس الحقيقة: بكون هذه الطبيعة الجاهلة مصدراً للاشياء. فما ساقهم الى هذه الفكرة غير المعقولة الاّ توهمهم انكار الخالق الجليل، وذلك لعجزهم عن ادراك آثار قدرته المعجزة المحيرة للعقول.
فالطبيعة مطبعة مثالية وليست طابعة، نقش لانقاشة، قابلة للانفعال لا فاعلة، مسطر لا مصدر، نظام لا نظّام، قانون لا قدرة، شريعة ارادية لا حقيقة خارجية.
فلو قدم شخص في ريعان الشباب الى هذا العالم البديع مباشرة، ودخل قصراً فخماً مزيناً بأروع الآثار وافترض لنفسه ان ليس هناك من أحد خارج البناء قد قام بتشييده وتزيينه، وبدأ يتحرى السبب الفاعل في ارجاء القصر، ووقع بصره على كتاب جامع لأنظمة القصر وخارطته، فانه يتصور - من جهله - ان هذا الكتاب هو الفاعل، لما ينعكس في شعوره من البحث عن علّة حقيقية، فيضطر الى هذه العلة بسبب افتراضه الموهوم مقدماً!. وهكذا البعض يسلّي