فان شئت فانظر الى النواتات والبذور وما تحمّلت من الاشجار والسنابل، والى الأشجار وثمراتها، والى الحيوانات والحوينات ووظائفها العجيبة. فمَن له أدنى شعور؛ كما يفهم ان نفراً منفرداً اذا ساق جميع اهل بلد الى محل بعيد بغير رضاهم ثم قسّمهم الى وظائف وخدمات مختلفة، انه ما يفعل الاّ بقوة سلطانه، وما يعمل الاّ باسمه، ومايستخدمهم الاّ بحسابه، كذلك لابد اَن يفهم ان هذه الموجودات العاجزات الجاهلات، ماتحمّل هذه الوظيفات العظيمات المنتظمات، الاّ باسم قدير عليم، وبحساب عزيز حكيم وانما تهدي الينا هذه الثمرات باسم رحمن رحيم، وليس من وظائفها وغاياتها الاّ ما أعطته الرحمة العامة لكل فرد من اللذة الخصوصية في خدمة الخاصة، كلذّة الترحم في شفقة الوالدات، وكحلاوة الفعالية في استعداد النحل بامتثال الوحي، وكذوق التلقيح في الفحول، وكالتلذذ في التغذي، وكالاستراحة والتنفس في الخروج من القوة الى الفعل - في نمو الاشياء - فان ما بالقوة كالمحبوس المقيد، وما خرج الى الفعل كالمتنفس المطلق وهكذا فقس.
فجعل الفاطر الحكيم والمالك الكريم هذه اللذات الجزئية معاشات لخدماتها.. وفهرستة لكيفيات وظائفها.. وزنبركاً لحركاتها.
فيا ايها الانسان الحامل للأمانة الكبرى!
كيف لا تطيع قانوناً أحاط بكل شئ من العرش الى الفرش! وكيف تتجاسر على العصيان في مقابلة دستور مسخّر الشمس والقمر، ومستخدم النجم والذرّ.
اعلم! ان الفرق بين طريق التوحيد وطريق الالحاد، كالفرق بين الجنة والجحيم، والواجب والمحال. فأن شئت فانظر الى الموازنة بين الطريقين: