فالحفظ والاحياء عرشُهما: التراب
فالأمر والارادة عرشهما في: الهواء
فاعلم بان كلها - في فعلها - مَظاهرٌ بإسمه، مَساطرٌ لا مصدرٌ، قوابلٌ لا فاعل، حواملٌ بحوله، تحمل ماتحمله بإذنه، بإسمه.. تفعل ما تفعله بطَوله، بحَوله.
لو لم يكن هذا حقُ الاشياء؛ يلزم للتراب والهواء، والنور مع الماء: ان تُدّخِر في كل جزء ذرةٍ، وقطرةٍ من كلها.. معرفة وقدرةً وصنعةً بلا انتهاء.
اذ مثلاً هذا الهواء؛ يمرّ في جوّ الفضاء.. يزور بذرّاته كل نبات ذي نماء.
فيظهر مروره خوارق بلا انتهاء.. في معجزات صنعة لمن له خلق السماء.
اِن أمكن لذرة بسيطة واحدة جامدة جاهلة؛ ان تنشئ هاتا الاشجار.. وتضع تاك الاثمار.. تصوّر هذه الأزهار، بل جملة هذي الأشياء.
وتقدر ان تحمل هذي الأرض، هذي الدنيا، حقّ لك ان تشك في وحدة لاشريك.
فاذ هذا ليس ذاك، فلا شك أن لا ملكَ الاّ لمن كلّ الخلق في قبضة قدرته.. في قبضة حكمته.
لأن كلّ حبّةٍ، وقطرة، وذرة تصلح لكل خضرة، ثمرة، وزهرة. فيلزم في ذرة واحدة وحبّة وقطرة، اِن لم تكن مأمورة بأمر رب السموات، من صنعةٍ وحكمة وقدرةٍ، تكفي لكل المصنوعات، لحمل هذي الموجودات.
سبحان من تحمده الاشجار؛ بالأوراق والأزهار والاثمار..
تَكَشُّفُ الأزهار في تزايد الأوراق، في تكامل الثمار..
في رقص بناتها على أيادي غصنها الخِضار.