ويُفهم من كمال جهالة الانسان وعجزه وقت اخراجه الى الدنيا واحتياجه الى التعلّم في كل مطالبه وفي جميع عمره اَن اِرساله الى الدنيا للتكمّل بالتعلّم والتعبّد لا للتعمّل. وما عمله المطلوب؛ الاّ تنظيم أعمال ما سخّره الله له من النباتات والحيوانات والاستفادة من نواميس الرحمة.. والاّ الدعاءُ والالتجاء والسؤال والتضرع والتعبّد لمن سخّر له مع نهاية ضعفه وعجزه وغاية فقره واحتياجه هذه الموجودات. وما علمُه المقبول الاّ معرفةُ مَن كرّمه وسخّر له وجهّزه للعبادة والسعادة بتعلّمِ حكمةِ الكائنات بوجهٍ يُنتج معرفةَ خالقها باسمائه، وصفاته وجلاله وجماله وكماله. وغيرُ هذا الوجه اِما مالا يعنينات أو ضلالات.
اللهم اجعلنا لك عبيداً في كل مقام قائمين بعبوديتك متضّرعين لألوهيتك مشغولين بمعرفتك.
اعلم! ان الخالق الحكيم، لإمتناع العجز عليه، ولكمال جُوده، يخلق الذرة كما يخلق الشمس، ويعطي لها الوجود مثلها.
فكما يخلق الذرة مع الشمس كذلك يخلق أصغر النبات كأكبر الشجر. وكما يخلق المَلَك المسخّر على الشمس مع المَلَك المسخّر على القطرة، كذلك يخلق أصغر الحوينات كأكبر الحيوان، فيستعبده مثلَه، ويوجد الفردَ الواحد بأحسن وجه، كما يوجد مجموع الأفراد الغير المحدودة.
ولكل من الموجودات صغيراً وكبيراً قليلاً وكثيراً وظيفة لائقة.. وحكمة مناسبة وغاية حسنة.. من خزينة رحمة مَن: ﴿اِنَّمَا أَمْرُهُ اِذا أرادَ شَيْئاً اَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُل شَئٍ وَاِليهِ تُرجَعُون﴾(يس:82-83).