ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 501
(451-507)

خدمتها لغاياتٍ كليةٍ ولصنعةٍ ربّانية كالنفر المستخدم في سفينة سلطانية.
فالحيوانات بامتثالها للأوامر التكوينية بكمال الاطاعة واظهارها لغايات فطرتها بأحسن وجه بإسمه، وتظاهرات حياتها بوظائف [15] بابدع طرز بحوله، وهكذا من سائر تسبيحاتها تقدم هدايا عباداتها ومزايا تحياتها لجناب فاطرها.
فالتحيات تظاهرات الحياة بلطائف آثارها المطلوبة لواهب الحياة.
واما النباتات والجمادات فلأجل ان لا إختيار لها، لا معاشَ لها، فأعمالُها خالصةٌ لوجه الله، وحاصلةٌ بمحض إرادة الله وباسمه وبحسابه وبحوله. الاّ انه يتظاهر من حال النباتات أن لها تلذّذات بوظائفها ولا تألماتَ لها، خلافاً للحيوان المختار. فله الألم كاللذّة. ولأجل عدم تداخل الاختيار في أعمال الجماد والنبات تكون آثارها أكمل من اعمالِ ذوي الاِختيار، ثم عمل ذي الاختيار المنوّر بالوحي والالهام كالنحل وامثاله أجملَ من غيره المعتمد على اختياره.
واما الانسان فهو كالمَلَك في كلية العبادة وشمول النظارة واِحاطة المعرفة ودلاّلية الربوبية، بل أجمع منه. الاّ ان له نفساً شريرة مشتهية، فله ترقيات وتدنيات.
وكالحيوان في ادخاله في عمله حظاً لنفسه وحصةً لذاته، فله معاشان معجّل جزئي حيواني، والآخر مؤجل كلي مَلَكي. فتأمل تَنَلْ.
ولقد ذكرنا في دروس رسالة النور كثيراً من اسرار عبودية الانسان ووظيفته وقسماً من عبادة النبات والجماد وتسبيحاتهما فلا حاجة الى التطويل هنا فان شئت فراجع تلك الدّروس لترى سرّ سورة (والتين والزيتون) وسورة (والعصر).

(تتمة لمبحث العندليب)

لايوجد صوت