ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | نــور | 502
(451-507)

ولاتحسبن ان هذه الوظيفة الربّانية في الاعلان والدلاّلية والتغني لذوي الأسماع بهزجات التسبيحات مخصوصةٌ بالعندليب. بل كل نوعٍ له عندليبٌ يُمَثّل ألطفَ حسيّات ذلك النوع بألطف تسبيح في ألطف تسجيعِ. لاسيما في انواع الهوام والحشرات.
فمنها ما له عندليب وبلابل كثيرة، تنشد على رؤوس كثير من انواع الهوام والحشرات الصغيرة المختلفة سجعاتِ تسبيحاتٍ يلتذّ باستماعها جميعُ مَن له سمعٌ.
فمنها ليلية ذات سرود(1) في مسامرةٍ لصغار الحُوَينات من نوعها وغير جنسها في سكوت الليل وسكونه حتى كأنها قُطبُ حلقةِ ذكرٍ خفيٍ. لأن الغناء كاللسان المشترك العمومي يفهمه كل من له سمع وحسّ.
ومنها نهارية ذات تسبيحات بتسجيعات وهزجات لطيفة رفيعة تنشدها في فصل الصيف على منابر الاشجار على رؤوس جميع ذوي الحياة وهي تفوق البلبل المشهور بمراتب حتى كأنها رئيس حلقةِ ذكرٍ جهري تهيّج جذبات المستمعين وتُنطقهم كلٌّ بلسانه.
وأفضل جميع الأنواع واشرف عندليبها وأنورها وأبهرها واعظمها واكرمها واعلاها صوتاً واجلاها نعتاً واتمّها ذكراً وأعمّها شكراً، عندليبُ نوعِ البشر في بُستان الكائنات، حتى صار بلطيفات سجعاته بلبلَ جميع الموجودات في الأرض والسموات.
عليه وعلى آله واَمثاله أفضل الصلوات واجمل التسليمات. آمين.
اعلم!(2) انه يُفهم من كمال ذكاوة الحيوان وقتَ خروجه الى الدنيا ومهارته في العلم العملي المتعلق بحياته، ان ارساله الى الدنيا للتعمّل لا للتكمل بالتعلّم.

-----------------------

(1) سرد سرداً الحديث أو القراءة: أجاد في سياقها.
(2) الكلمة الثالثة والعشرون توضح هذه المسألة

لايوجد صوت