السيرة الذاتية | الفصل الأول | 71
(43-71)

- ألم تتب إلى الآن؟
- (سيدا) إنني طوع كلامك !
وقدّم له فرساً مع كمية من النقود الاّ ان الملا سعيد رفض ذلك قائلاً.
- ألم تسمع أنني لم آخذ مالاً من أحد لحد الآن؟ فكيف آخذه من أمثالك من الظالمين! يبدو أنكم قد أفسدتم توبتكم! وعلى هذا لا تصل إلى الجزيرة بسلامة. وفعلاً مات مصطفى پاشا في الطريق لم يصل إلى الجزيرة. وكأن دعاءه عليه قد استجيب)).(2)
إطلاعه على العلوم الحديثة في وان :
((وقد اقتنع يقيناً ان أسلوب علم الكلام القديم قاصر عن ردّ الشبهات والشكوك الواردة حول الدين، فينبغي استحصال العلوم الحديثة ايضاً.
وقد حقق تشخيصه الداء هذا وهو الشاب اليافع تهيئة الأجواء للخدمة القرآنية العظيمة والعمل الإسلامي الجليل في المستقبل، إذ وفقه سبحانه وتعالى بعد حوالي ثلاثين سنة إلى تأليف رسائل النور التي تجدد في علم الكلام.
فطفق يطالع كتب العلوم الحديثة حتى استحصل على أسسها من تاريخ وجغرافية ورياضيات وجيولوجيا وفيزياء وكيمياء وفلك وفلسفة وامثالها من العلوم. وذلك خلال مدة قصيرة جداً. وسبر أغوار هذه العلوم بنفسه دون معونة أحد ودون اللجوء إلى مدرس يدرّسها إياه.
فمثلاً: حفظ عن ظهر قلب خلال أربع وعشرين ساعة كتاباً في الجغرافية، قبل ان يناظر في اليوم التالي مدرس الجغرافية ويلزمه الحجة في دار الوالي (طاهر پاشا).
وعلى الشاكلة نفسها ألزم مدرس الكيمياء، بعد ان حفظ كتاباً في الكيمياء غير العضوية.
كان الوالي طاهر پاشا يوجه أسئلة -علمية فلسفية- إليه مستخرجاً إياها من بطون الكتب الأوروبية وكان يجيب عن تلك الأسئلة أجوبة قاطعة مع انه لم يطلع على تلك الكتب ولم يك يتقن اللغة التركية بعدُ، حيث بدأ التكلم بها حديثاً. وعندما شاهد -بعد فترة- تلك الكتب علم ان (طاهر پاشا) يستخرج الأسئلة منها، فباشر بدراستها وهضم مضامينها في مدة قصيرة.
وخلال فترة بقائه في (وان) وضع طريقة خاصة به في التدريس

--------------------------

(2) Tarihce-i Hayat, ilk hayatı

لايوجد صوت