- لم يرد على خاطري الإعدام، بل كنت أحسب العقاب سجناً او نفياً.. وعلى كل حال.. ما ضرّ إن مت في سبيل دفع منكر واحد!
وبعد ما يقرب من ساعتين من عودته من المجلس ، أرسل إليه الوالي شرطيين لاستدعائه.. فدخل عليه واستقبله الوالي بإعظام وإجلال، وهمّ بتقبيل يده، وقال:
لكل أحد أستاذ قدوة، فأنت أستاذي القدوة.))(2)
شفقة الوالدين:
عندما كانت تُنقل أخبار سيئة إلى والدي ووالدتي، كأن يقول أحدهم: إن إبنكم قد قُتل او ضُرب أو سُجن. كان أبى يبتهج ويضحك كلما سمع مثل هذه الأخبار، ويقول: ما شاء الله... قد كبر إذن إبني حتى يُظهر بطولة أو عملاً عظيماً بحيث يتكلم عنه الناس. أما والدتي فكانت تبكي بكاءً مراً مقابل سرور والدي. ثم اظهر الزمان ان والدي كان محقاً في كثير من الأحيان.(3)
النظر الحرام:
مكثت سنتين في مضيف الوالي المرحوم (عمر پاشا) في بتليس بناء على إصراره الشديد ولفرط احترامه للعلم والعلماء.. كان له من البنات ست؛ ثلاث منهن صغيرات وثلاث بالغات كبيرات.. ومع أني كنت أعيش معهم في سكن واحد طوال سنتين الاّ أنني لم أكن أميّز بين الثلاث الكبيرات؛ إذ لم اكن اسدد النظر إليهن كي أعرفهن وأميّز بينهن. حتى نـزل أحد العلماء يوماً ضيفاً عليّ، فعرفهن في ظرف يومين فقط وميّز بينهن، فأخذت الحيرة الذين من حولي، لعدم معرفتي إياهن. وبدأوا بالاستفسار:
- لماذا لا تنظر إليهن؟. فكنت أجيبهم:
- صون عزة العلم يمنعني من النظر الحرام !.(1)
حفظ المتون :
((وعندما ناهز الملا سعيد سن البلوغ في بتليس، بدأت سانحاته القلبية وفيوضاته الوهبية - التي كان يتغلب بها على العلماء في مناظراته - تقل شيئاً فشيئاً. ولا يعرف السبب الحقيقي في هذا التغير الذي طرأ على حالاته، فلربـما هو من مقتضيات سن البلوغ، أو من اهتمامه بالأمور الاجتماعية والسياسية. لذا انكب على حفظ المتون من كل علم، فحفظ عن ظهر قلب خلال سنتين من متون الكتب كـ(المطالع)(2)
(2) Tarihce-i Hayat, ilk hayatı
(3) الملاحق - اميرداغ 1/ 283
(1) الملاحق - اميرداغ 1/ 312
(2) مطالع الانوار في المنطق للقاضي الارموي. اعتنى بشأنه الفضلاء شرحاً وتعليقاً.