التضاد الموجود بين مدّعيات الذين حكموا عليّ بالجنون وأدلتهم. إذ قالوا بأفعالهم: إنه مجنون، لأنه يجيب على كل مسألة، ويحلّ كل معضلة! ان الذي يورد مثل هذا الدليل مجنون بلا شك!
رابعتها: إنه من الضروري ان يحتد ويغضب كل من له مزاج عصبي مثلي. لأن الذي يحمل فكراً رفيعاً - أي الحرية الشرعية - منذ خمس عشرة سنة، وأوشك ان يراه فعلاً، إذا به يرى نفسه على خطر وهلاك من حرمان رؤيته - بانقلاب عظيم - كيف لا يحتد ولا يغضب؟
ثم ان وزير الأمن أشد منى حدّة وغضباً فهو اكثر مني جنوناً إذن. علماً انه لا يسلم إلاّ واحد من ألف من الناس من هذا الجنون الموقت:
فكل الناس مجنون ولكن على قدر الهوى اختلف الجنون
فلئن كانت المداهنة والتملق والتزلف وفداء المصلحة العامة في سبيل المصـلحة الخاصة، تعدّ من مقتضى العقل.. فاشهدوا إني أقدم براءتي من هذا العقل، مفتخراً بالجنون الذي هو أشبه ما يكون بمرتبة من مراتب البراءة.
وهناك نقاط أربع جلبت الشبهة عليّ، علماً إنني عملتها على علم ولحكمة خفية:
أولاها:شكلي الغريب.
إنني أعلن بملابسي المخالفة للناس: إستغنائي عن المقاصد الدنيوية... واعتذاري عن عدم مراعـاتي للعادات الجارية في البلاد.. ومخالفة أحوالي وأطواري عن الناس.. وفطرية إنسانيتي بموافقة الظاهر والباطن.. ومحبة ملتي.
ثم ان المعنى الغريب لا بد ان يكون ضمن لفظ غريب ليلفت الأنظار.. ثم إنني أنصح بهذا الشكل الغريب، نصيحة فعلية لتشجيع المصنوعات المحلية.. وأشير به ايضاً إلى ميل التجدد الذي أشعر به في ذاتي و إلى تجدد الزمان في الوقت نفسه .. ثم إنني بايعت السلطان سليم.
ثانيتها: مناظرتي العلماء.
والداعي إليها هو أنني لماّ قدمت استانبول شاهدت ان المدارس الدينية لم تتقدم كالمرافق الأخرى في البلاد. وأعزو سبب ذلك إلى إقامة