ان يَزنوا الأمور بموازين الشريعة.
رابعتها :
قلت ان ذهني مشوش وعاجز. وقصدت به طروء النسيان على حافظتي وشعوري بضيق في ذهني واستيحاش في طبعي.
ولما كان المجنون لا يقول أنا مجنون. فلا يكون قولي هذا دليلاً على جنوني.
وقلت ايضاً: إنني درست ثلاثة اشهر فقط بعد كتاب الإظهار فهذا الكلام يجلب الشك والريب من جهتين:
فإما انه خلاف الواقع.. بينما يصدّق به معظم أهالي كردستان. وإما انه يومىء إلى المدح والغرور - الذي هو عنصر من عناصر الجنون رغم انه صدق - كما تقول به أيها الطبيب.
وجوابه: هو جوابي الصائب والذي استلزم التمدح لسؤال سألنيه أحد رجال الدولة.
والآن أظن ان لديكم شكاً في صحة عقلي بعد زوال الشبهة عن شعوري. ويمكن ان يزول ذلك الريب بأدنى محاكمة عقلية. إذ إن رجلاً من الأكراد الجاهلين الطليقين الأحرار، إن لم يكن صاحب وفاء لأمة راقية كالألماس، ولم يكن صاحب فكر رفيع، كيف يستطيع ان يستر حيلته و فكره الفاسد طوال هذا الزمان مع تـميّزه عن الآخرين؟ إنني أعدّ الحيلة في ترك الحيل. فإذن قد شعر بقلبه وفاءً خالصاً صافياً يفوق الجميع حتى وجد نفسه في مثل هذه الأحوال.
وقد صدق الشاعر:
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفتُه من الفهم السقيم(1)
بمعنى أن فهم أطبائنا هو فهم سقيم.. فهم مجانين بحكم تقاريرهم الطبية. وان وزير الأمن هو الآخر مجنون لشدة حدّته وغضبه.
أيها الطبيب!
ان كنت طبياً حاذقاً فداو نفسك قبل ان تداويني.
ويا أيها الناظرون إلى كلامي هذا! ان كان فيه ما يجرح شعوركم، او لا تهضمه معدتكم الضعيفة، فاعذروني لأنني قلته في وقت الجنون حينما
---------------------------
(1) للمتنبى في ديوانه 4 / 246