السيرة الذاتية | الفصل الثاني | 81
(72-85)

لكم. وأنا أعني ما أقول، لأنني أريد تنبيه أبناء أمتي وذلك خدمة للدولة التي انتسب إليها وليس من أجل جني مرتّب. ثم ان الخدمة التي يستطيع أداءها شخص مثلي هي تقديم النصيحة للأمة وللدولة، ولا قيمة لهذه النصيحة الاّ بحسن تأثيرها، ولا يحسن تأثيرها الاّ عندما تكون مخلصة خالية من شوائب الطمع، وهذه لا تكون الاّ عندما تكون دون مقابل وبعيدة عن المنافع الشخصية، لذا فإنني معذور عندما أرفض هذا المرتّب.
شفيق پاشا: ان اقتراحك بنشر المعارف والعلوم في كردستان هو الآن موضع دراسة في مجلس الوزراء.
بديع الزمان: إذن فلماذا أُجّل بحث المعارف واستُعجل في المرتّب؟ وعلى أي أساس تم هذا؟ لماذا تفضلون المنافع الشخصية على المنافع العامة ؟.(1)
إعتراضه على إستبداد حكومة السلطان عبد الحميد الثاني:
الإستبداد هو التحكم أي المعاملة الكيفية - الإعتباطية - أي الجبر باستناد القوة، أي الرأي الواحد، أي المساعد لتطرق سوء الاستعمالات، أي المفتوحة أبوابه لتداخل المفاسد، وما هو الاّ أساس الظلم، وماح الإنسانية. وهو الذي دحرج الإنسان المكرّم إلى اسفل سافلين في السفالة.. وهو الذي أوقع العالم الإسلامي في المذلّة.. وهو الذي أيقظ الأغراض والخصومات.. وهو الذي سمم الإسلامية.. وهو الذي سرى سمّه في أعصاب العالم الإسلامي.. وهو الذي أوقع الاختلافات المدهشة...(2)
هذا وان الإستبداد المتعسف لا صلة له بالشريعة الغراء، وإن الشريعة قد أتت لهداية العالم أجمع كي تزيل التحكم الظالم والإستبداد.(3)
وان ثلاثين سنة التي قضيناها صائمين عن الكلام متجملين بالصبر والتوكل على الله، سننال ثوابها بانفتاح أبواب جنة الرقي، أبواب المدنية التي لا عذاب فيها.(4)
إنه إستبداد ضعيف بالنسبة لما سيأتي:
حينما كانت (الحرية) قرينة الجنون، جعل الإستبداد الضعيف مستشفى

--------------------------

(1) ب / 159- 160
(2) 125 الصيقل الإسلامي - النص العربي ط. أنقرة.
(3) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية/ 442
(4) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية/ 465

لايوجد صوت