مجاهدو الإسلام، وقسماً منهم فدائيو سلامة الأمة، فالذين يشكلون القسم الأعظم منهم والعقدة الحياتية لهم هم من غير الماسونيين ويمثلون أكثرية الإتحاد والترقي(2). فهناك علماء ومشايخ في صفوف (جون تورك) بقدر عشائركم.. رغم وجود زمرة من الماسونيين المفسدين السفهاء فيهم، وهم قلّة قليلة لا يتجاوزون عشرة بالمئة منهم، بينما التسعون بالمئة الباقية منهم مسلمون ذوو عقيدة أمثالكم ومعلوم أن الحكم للأكثرية..فأحسنوا الظن بهم. إذ إن سوء الظن يضركم ويضرهم معاً.(3)
س: لِمَ تحسن الظن -كلما أمكنك ذلك- بحكومة المشروطية وأفراد (جون تورك) غير الملحدين؟.
ج: لأنكم تسيئون الظن بهم كلما تيسّر لكم ذلك، فأنا أحسن الظن بهم، فان كانوا بمثل ما أقول فبه ونِعمَ، والاّ فأنا أرشدهم إلى الصواب كي يسلكوه.
س: ما رأيك في الإتحاد والترقي؟.
ج: مع إنني أثمّن قيمتهم الاّ أنني أعترض على الشدّة التي يزاولها سياسيوهم وأهنئ في الوقت ذاته واستحسن -إلى حدٍّ ما- فروعهم وشعبهم الاقتصادية والثقافية ولاسيما في الولايات الشرقية.(1)
إن سعيداً القديم على الرغم من معارضته الشديدة لمنظمة (الإتحاد والترقي) مال إلى حكومتها ولاسيما إلى الجيش، حيث وقف منهم موقف تقدير وإعجاب وإلتزام وطاعة. وما ذاك الاّ بما كان يحس به من إحساس مسبق من ان تلك الجماعات العسكرية والجمعية الملية سيظهر
------------------------
(2) الإتحاد والترقي: جمعية سرية شكلها طالب ألباني في المدرسة الطبية العسكرية السلطانية يدعى "إبراهيم تمّو" مع قسم من أصدقائه من الطلبة سنة 1889، وكانت تهدف الى خلع السلطان عبد الحميد الثاني، ورفعت شعار "حرية، مساواة ،عدالة" ساعدتها المحافل الماسونية، وانتسب كثير من أعضائها إليها، كما ان دولاً أوروبية عديدة مدت لها يد المساعدة. استفحل أمرها عندما تغلغلت في صفوف الجيش الثالث العثماني في مدينة "سلانيك" التي كانت مقراً ليهود "الدونمة" وفيها محفل الماسونية، وبدأت حركة تمرد في هذا الجيش وارسل زعماء الحركة هذه برقيات تطالب السلطان بإعلان الدستور واعادة مجلس المبعوثان (النواب) واضطر السلطان حقناً للدماء الى إعلان المشروطية الثانية سنة 1908 وبعد سنة من إعلانه الدستور تم خلعه ونفيه الى "سـلانيك" ونُصب أخوه محمد رشاد مكانه، ورغم أن الإتحاد والترقي قد حقق إصلاحات في الإدارة والجيش إلا أنه قبض على الحكم بيد من حديد و أقام دكتاتورية ظالمة، وورط الدولة في الحرب العالمية الأولى، وبعد إعلان هدنة موندروس في 30/ 10/ 1918بيوم هرب زعماء هذه الجمعية الى خارج البلاد.
(3) صيقل الإسلام - المناظرات / 404
(1) صيقل الإسلام - المناظرات / 432