السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 90
(86-123)

تلك الجنة الوارفة البهيجة، فإنني أزف بشرى سارة ايضاً بأن هذه الأمة المظلومة ستترقى ألف درجة عما كانت عليه في سابق عهدها. واذا ما اتخذتك الأمة مرشدة لها، ولم تلوّنك بالمآرب الشخصية وحب الثأر والإنتقام، فقد أخرَجَنا إذن مَن له العظمة والمنة من قبر الوحشة والإستبداد، ودعانا إلى جنة الإتحاد والمحبة....
ان هذا الإتحاد، إتحاد القلوب والمحبة الموجهة للامة كافة، وهي معدن السعادة والحرية، قد أنعمها المولى الكريم علينا مجاناً، بينما الأمم الأخرى قد ظفروا بها بعد دفع الملايين من جواهر النفوس الغالية.
إن صدى الحرية والعدالة ينفخ نفخ اسرافيل فيبعث الحياة في مشاعرنا المدنية وآمالنا الخامدة ورغباتنا القومية الرفيعة وأخلاقنا الإسلامية الحميدة، حتى يرن صماخ الكرة الأرضية المجذوبة جذبة المولوي، ويهيج الأمة جميعاً ويهزها هزّ المجذوب.
وإياكم يا إخوان الوطن ان تقضوا عليها بالموت مرة أخرى بالسفاهات والإهمال في الدين.
ان القانون الأساسي المؤسس على هذه الشريعة الغراء قد أصبح ملك الموت لقبض أرواح جميع الأفكار الفاسدة والأخلاق الرذيلة والدسائس الشيطانية والتزلفات الدنيئة. فيا اخوة الوطن! لا تعيدوا لتلك الرذائل الحياة بالإسرافات ومخالفة الشريعة والملذات المحرمة....
وبخلافه فإن تفسير الحرية والعمل بها على انها التحرر من القيود والانغمار في السفاهات والملذات غير المشروعة والبذخ والإسراف، وتجاوز الحدود في كل شئ اتباعاً لهوى النفس.. مماثل لمن يتحرر من أسر سلطان واحد ويدخل في إستبداد حقراء سافلين كثيرين. فضلاً عن ان هذا النمط من الحرية يظهر ان الأمة غير راشدة ومازالت في عهد الصبوة وليست اهلاً للحرية. فهي سفيهة اذن تستحق الحجر عليها، بالرجوع إلى الإستبداد السابق البائد...
وبناء على ما سبق ما ينبغي ان ننخدع، بل نجعل القاعدة الآتية دستور عمل لنا وهي: (خذ ما صفا دع ما كدر) وفي ضوئها سنأخذ من الأجانب -مشكورين- كل ما يعين الرقي المدني من علوم وصناعات. أما العادات والأخلاق السيئة، فهي ذنوب المدنية ومساوئها التي لا يتبين

لايوجد صوت