نقطة تمركز العالم الإسلامي.(3)
معارضة الإتحاد والترقي وعدّ محبتهم غير مشروعة:
ان خطأ (تركيا الفتاة) نابع من عدم معرفتهم أن الدين أساس الحياة. فظنوا ان الأمة شئ والإسلام شئ آخر؛ وهما متمايزان! ذلك لأن المدنية الحاضرة أوحـت بذلك واستولت على الأفكار بقولها: إن السعادة هي في الحياة نفسها. الاّ ان الزمان أظهر الآن أن نظام المدنية فاسد ومضر. والتجارب القاطعة أظهرت لنا: أن الدين حياة للحياة ونورها وأساسها. إحياء الدين إحياء لهذه الأمة. والإسلام هو الذي أدرك هذا. ان رقي امتنا هو بنسبة تمسكها بالدين، وتدنيها هو بمقدار إهمالها له، بخلاف الدين الآخر. هذه حقيقة تاريخية، قد تنوسيت.(4)
س: كنت تعارض الإتحاد والترقي، الاّ انك تسكت عليهم الآن.
قلت: لكثرة هجوم الأعداء عليهم.
ان هدف الهجوم الذي يشنه الأعداء هو العزم والثبات اللذان يتحلّون بهما وعدم كونهم وسيلة لتنفيذ مآرب الأعداء في تسميم أفكار المسلمين. وهذا من حسناتهم. إنني أرى ان الطريق طريقان؛ ككفتي الميزان. خفة إحداهما تولد ثقل الأخرى.فأنا لا أصفع (أنور)(1) بجانب (أنترانيك)(2)، ولا أصفع (سعيد حليم)(3) بجانب (فنـزيلوس)(4) وفي
-------------------------
(3) صيقل الإسلام - السانحات/ 351
(4) الكلمات/ 861
(1) أنور باشا: (1881-1922) كان وزيراً للحربية في حكومة الإتحاد والترقي سنة 1913ونائباِ للقائد العام للقوات المسلحة حيث كان السلطان هو القائد العام. هرب الى ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ومنها الى تركستان وشكل جيشاً لمقاومة الروس واستشهد في إحدى المعارك.
(2) انترانيـك: رئيس منظمة الطاشناق الأرمنية، أشغل الدولة العثمانية مـدة طويلة من الزمـن بعدد من ثوراتـه ضـد الدولة.
(3) سعيد حليم: (1863-1921) كان رئيساً للوزراء عندما كان أنور باشا وزيراً للحربية. أدين مع سبع وستين من رفقائه بإقحامهم الدولة العثمانية في الحرب العالمية. فنفي الى جزيرة "مالطة" وظل فيها سنتين، ثم التجأ الى إيطاليا حيث حظر دخوله الى تركيا ومصر؛ إذ كانت تحت الاحتلال البـريطاني. اغتاله شخص أرمني في 6/ 1/ 1921 قرب روما.
(4) فنـزيليوس: (1864-1936) من رجال اليونان البارزين في السياسة، كان محامياً ثم قائد الثوار في جزيرة كريت أسقط في سنة 1910 رئيس الوزراء قسطنطين وحلّ محله. اصبح سبباً لكثير من الاضطرابات والقلاقل في البلاد هرب سنة 1935 الى باريس، وتوفي هناك.