لّلاجئين وفي المقدمة الروم والأرمن، تحت أسماء أندية كثيرة، وسببت تفرقة القلوب -كما تشتتت الأقوام بانهدام برج بابل، وتفرقوا أيدي سبأ في التاريخ- حتى كان منهم من اصبح لقمة سائغة للأجانب، ومنهم من تردى وضل ضلالاً بعيداً(2) إذ قد عمت الفوضى والإرهاب في الأوساط بما نشرته الصحف من مقالات محرضة، وشروع الفرقاء (الأحزاب) بتسجيل أسماء الفدائيين ، وسيطرة الأشخاص الذين قادوا الانقلاب، وسريان الحرية المطلقة إلى الجنود بما ينافي الطاعة العسكرية، وتلقين بعض المهمليـن الجنود ما يظنونه مخالفاً للآداب الدينية. وبعد ان انفرط عقد الطاعة زرع المستبدون والمتعصبون الجهلاء -والذين تنقصهم المحاكمة العقلية في الدين- البذور في ذلك المستنقع الآسن -بظن الإحسان- وظلت السياسة العامة للدولة بيد الجهلاء و أطلق ما يقارب المليون من الطلقات في الهواء وتدخلت الأيادي الداخلية والخارجية...(3)
تهدئته المشاعر المتهيجة:
لقد شعرت مراراً في اجتماعات ضخمة بالمشاعر المتهيجة لدى الناس، فخشيت ان يخلّ عوام الناس النظام وأمن البلاد بمداخلتهم في السياسة، فقمت بتهدئة تلك المشاعر الجياشة بكلام يلائم لسان طالب علم قروي قد تعلم اللغة التركية حديثاً.
فمثلاً: في اجتماع الطلاب في جامع بايزيد، وفي المولد النبوي المقام في اياصوفيا، وفي مسرح الفرح. هدّأتُ - إلى حدٍ ما- ثورة الناس وغضبهم. فلولا تلك الكلمات والخطب لعصفت بهم عاصفة هوجاء.(1)
-----------------------
(2) المكتوبات/ 414
(3) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية/ 456
(1) صيقل الإسلام- المحكمة العسكرية / 444 إذ كادت الفوضى التي عمت المسرح ان تنقلب الى نزاع دموي،بين أنصار جمعية "الإتحاد والترقي" ومعارضيهم، فاعتلى الأستاذ النورسي المنصة وخاطب بصوته الجهوري الحاضرين ودعاهم الى النظام والإخلاد الى السكون أولاً ثم بيّن لهم ان عليهم ان يروّضوا أنفسهم على احترام رأي المقابل واحتـرام حرية النقاش، وان من العار على أمة أعلنت المشروطية ألا تراعي هذا الأمر، ومذكراً إياهم برحابة صدر الرسولy وقيامه بالمشورة مع أصحابه. واستطاع فعلاً إقرار السكون والهدوء في ذلك الاجتماع الذي كاد ان ينقلب الى مذبحة.