السيرة الذاتية | الفصل الخامس | 269
(253-304)

وقعوا تطييباً لخاطري من اجل التذكر على أواخر رسالتين من رسائلي تعدّان بمثابة دفتر خواطر.فيا ترى هل في الدنيا قانون او أصول او مصلحة يؤاخذ عليه هؤلاء الرجال بمثل هذه الحجج الواهية!
التتمة الثانية لدفاعي
أيتها الهيئة الحاكمة!
قد تجدون في بياناتي الآتية ما لاجدوى فيها لمهمتكم. لكن هذه المسائل تتعلق بعموم البلاد بل الدنيا كلها. فلستم وحدكم تسمعون، بل أولئك ايضاً يسمعون حُكماً ومعنىً. ثم ترون سوء الانتظام في بياناتي، ذلك بسبب سلبي حقاً مهماً من حقوقي. ان خطي غير جميل، وقد رجوت كثيراً ان تعطوني كاتباً يكتب لي في هذه القضية التي هي قضية حياة وممات،كي أستكتب دفاعاً عن نفسي. لكن لم اُعط كاتباً بل منعوني بظلم عظيم حتى من التكلم حوالي شهرين من الزمن. لذلك لم أتمكن من كتابة منتظمة بخطي الناقص والمشوش للغاية.
وآخر بياناتي هو الآتي:
لنفرض-فرضاً محالاً- وكما وقع في إخبار المفسدين، ان (رسائل النور) (لا تتوافق مع بعض سياسات الحكومة وبعض قوانينها، او تتخالف معها؛ وأنها قناعات سياسية مغايرة وأفكار مختلفة، وان عموم الرسائل لا تبحث في الإيمان بل في السياسة). فإذا قُبلت فرية جلية مثل هذه فرضاً، اقول جواباً:
لما كانت الحرية في أوسع حالها هي الجمهورية، وأن الحكومة قد رضيت بأكثر صور الجمهورية تحرراً نظاماً لها، فان من البدهي ان القناعات العلمية والأفكار الصائبة الحقيقية والقطعية وغير القابلة للرفض، لا يمكن لحرية الجمهورية ان تتسلط على تلك الحرية العلمية بإستبداد، بشرط عدم إخلالها بالأمن، ولا يمكن ان تعد تلك الحرية جريمة. نعم.. هل توجد حكومة في الدنيا كلها يجتمع شعبها على قناعة سياسية واحدة فقط؟ لنفرض اني قد كتبت قناعتي السياسية في خفاء لنفسي، ثم أطلعتُ عليها بعض اخلائي الخواص، فلم اسمع بقوانين تعد ذلك جريمة. والواقع ان (رسائل النور) تبحث في نور الإيمان، ولم تسقط في ظلمة السياسة، ولا تتردى إليها.

لايوجد صوت