السيرة الذاتية | الفصل الخامس | 272
(253-304)

رجل مؤمن أم عشرة رجال بلا دين لا يضبطهم ضابط؟ نعم. إن الإيمان بفيض الخصال اللطيفة، يمنح حسّ الرحمة والميلَ إلى الحذر من إلحاق الضرر. أما إهمالي للحذر، فان ولاية أهل (اسپارطة) يعلمون اني في السنوات الثلاث عشرة الأخيرة أبذل ما في وسعي وطاقتي لعدم لفت نظر الحكومة وعدم الخوض معها وعدم التدخل في أمورها مفضلاً العيش الألطف في الخلوة والانزواء عن الناس وفي المشقة وفي اجتناب السياسة.
يا عديمي الإنصاف الذين ساقوني إلى هذا البلاء! يبدو أنكم غضبتم وحنقتم لاني لم أتحرك ضد الأمن العام، وأوقفتموني بدافع عدائكم للسكون. نعم، الذين يريدون إفساد الأمن والسكون واضطراب الإدارة ضللوا الحكومة بشأني وشَغلوا العدالة بغير طائل فأوقفوني . وينبغي على الهيئة الحاكمة، وعلى رأسها المدعي العام، ان تفتح دعوى عليهم، ليس من أجلنا، بل باسم البلاد.
فان قيل: (لستَ موظفاً. ويلزم ان تحترم الشعب وان لا تُدرّس دروساً دينية مثل موظفٍ. وتوجد دائرة رسمية تعطي دروساً دينية، ويلزم ان تحصل على موافقتها).
الجواب:
اولاً: ليس عندي مطبعة او كتّابٌ يقومون بوظيفة النشر.فشؤوننا خاصة بنا. وضمن قاعدة حرية الاعتقاد، حرية الشؤون الخاصة، ولاسيما إن كانت إيمانية ووجدانية.
وثانياً: ان توظيف حكومة الإتحاد والترقي إياي بالاتفاق، بوظيفةٍ في (دار الحكمة الإسلامية) لإثبات الحقائق الإسلامية ازاء أوروبا واعطاء دروس للشعب، وتعيين الرئاسة الدينية في ولاية (وان) إياي واعظاً هناك، وتداول اكثر من مائة رسالة لي في أيدي العلماء حتى الآن وعدم تعرضها للانتقاد، يثبت أني صاحب حق في التدريس للشعب.
وثالثاً: لو أغلق باب القبر وصار الإنسان خالداً لا يموت، لصارت الوظائف عسكرية وادارية ورسمية فحسب. ولكن مادام ثلاثين ألف شاهد يومياً في الأقل يُمضون بتوابيتهم على دعوى (الموت حق)،

لايوجد صوت