السيرة الذاتية | الفصل السادسا | 315
(305-328)

ان أولئك الأبرياء المقتولين يُستشهدون ويصبحون أولياء صالحين، وان حياتهم الفانية تُبدل إلى حياة باقية، وان أموالهم الضائعة تصبح بحكم الصدقة فتبدل إلى أموال باقية. بل حتى لو كان أولئك المظلومون كفاراً فان لهم من خزينة الرحمة الإلهية مكافآت بالنسبة لهم كثيرة -مقابل ما عانوا من البلاء في الدنيا- بحيث لو رفع ستار الغيب فان ما ينالونه من رحمة ظاهرة يدفعهم إلى ان يلهجوا بـ: الشكر لله والحمد لله.
عرفت هذا، واقتنعت به قناعة تامة، ونجوت بفضل الله من الألم الشديد الناشئ من الشفقة المفرطة.(1)
مصير الأبرياء من الكفار في البلايا:
لقد مسّ مسّاً شديداً مشاعري وأحاسيسي المفرطة في الرأفة والعطف ما أصاب الضعفاء المساكين من نكبات وويلات ومجاعات ومهالك من جراء هذه الطامة البشرية التي نزلت بهم وفي هذا الشتاء القارس... ولكن على حين غرة نُبّهتُ إلى:
ان هذه المصائب وامثالها ينطوي تحتها نوع من الرحمة والمجازاة -حتى على الكافر- بحيث يهوّن تلك المصيبة، فتظل هينة بسيطة بالنسبة إليهم. واصبح هذا التنبيه مرهماً شافياً لإشفاقي المؤلم على الأطفال والعوائل في أوروبا وروسيا، رغم أنني لم أتلق شيئاً عن أوضاع الدنيا وأخبار الحرب منذ بضعة أشهر.
نعم، إن الذين نزلت بهم هذه الكارثة العظمى -التي ارتكبها الظالمون- إن كانوا صغاراً وإلى الخامسة عشرة من العمر، فهم في حكم الشهداء، من أي دين كانوا. فالجزاء المعنوي العظيم الذي ينتظرهم يهوّن عليهم تلك المصيبة.
أما الذين تجاوزوا الخامسة عشرة من العمر، فان كانوا أبرياء مظلومين، فلهم جزاء عظيم ربما ينجيهم من جهنم، لأن الدين -ولاسيما الإسلام- يُستر بستار اللامبالاة في آخر الزمان، وان الدين الحقيقي لسيدنا عيسى عليه السلام سيحكم ويتكاتف مع الإسلام. فيمكن القول بلا

-------------------------

(1) الملاحق- قسطموني/123

لايوجد صوت