السيرة الذاتية | الفصل السادسا | 319
(305-328)

لذا فمقاومة خدام القرآن الكريم وحدهم تلك التخريبات المريعة إنما هي عمل خارق جداً. فلو كانت هاتان القوتان المتقابلتان على مستوى واحد من القوة، لكنت ترى في التعمير والبناء -الروحي والأخلاقي- خوارق وفتوحات عظيمة جداً.
ولنضرب مثلاً واحداً فقط:
ان أعظم ركيزة في الحياة الاجتماعية هي: توقير الصغير للكبير ورحمة الكبير للصغير. الا أننا نرى ان هذا الأساس قد تصدع كثيراً. حتى إننا نسمع اخباراً مؤلمة جداً، وحوادث مفجعة جداً تجاه الآباء والأمهات، تقع من جراء خراب هذا الأساس الراسخ.
ولكن بفضل الله فان الرسائل القرآنية أينما حلت قاومت الدمار، وحالت دون تهدم هذا الأساس الاجتماعي المتين، بل حاولت تعميره.
فكما يعيث ياجوج وماجوج في الأرض الفساد بخراب سد ذي القرنين، فان فساداً أبشع من فساد ياجوج وماجوج قد دبّ في العالم وأحاطه بظلمات الإرهاب والفوضى وعمت الحياة والأخلاق مظالم شنيعة وإلحاد شنيع.. فظهر الفساد في البر والبحر، نتيجة تزلزل السد القرآني العظيم، وهو الشريعة المحمدية الغراء.
لذا فان الجهاد المعنوي لطلاب النور ضد هذا التيار الجارف يعدّ -بإذن الله- جهاداً عظيم الثواب ، إذ فيه قبس من جهاد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم الذين يثابون بعمل قليل ثواباً عظيماً.
فيا اخوتي الأعزاء:
في مثل هذه الأوقات العصيبة، وأمام هذه الأحداث الجسام، فان اعظم قوة لدينا -بعد قوة الإخلاص- هي قوة الاشتراك في الأعمال الأخروية إذ يكتب كل منكم في دفتر أعمال اخوته حسنات كثيرة مثلما يرسل بلسانه الإمداد والعون إلى قلعة التقوى وخنادقها.
وان أخاكم الفقير والعاجز هذا السعيد الذي اشتدت عليه غارات الهجوم من كل جهة، هو أحوج ما يكون إلى مساعدتكم في هذه الأشهر الثلاثة المباركة، وفي هذه الأيام المشهودة.

لايوجد صوت