وباءً خفيفاً منتشر في الأوساط. ففي اليوم الذي اذهب فيه إلى المحكمة أتمرض بلاشك.. ولعلك أصبحت معيناً لي في ذلك فأخذت شيئاً من مرضي، كما كانت تحدث بطولات خارقة سابقاً، فيتمرض أحدهم بدلاً من أخيه او يموت بدلاً منه.(2)
استشهاد الحافظ علي:
ثم دسّ الأعداء المتسترون السُّم في طعامي(3) ونقل بطل النور الشهيد (الحافظ علي) على إثرها إلى المستشفى بدلاً عنى، ومن ثم ارتحل إلى عالم البرزخ ايضاً عوضاً عني، مما جعلنا نحزن كثيراً ونبكى بكاءً حاراً عليه.
لقد قلت يوماً -قبل نزول هذه المصيبة بنا- وأنا على جبل قسطموني. بل صرخت مراراً: يا إخواني (لا تلقوا اللحم أمام الحصان ولا العشب أمام الأسد) بمعنى: لا تعطوا كل رسالة أياً كان حذراً من أن يتعرضوا لنا بسوء. وكأن الأخ (الحافظ علي) قد سمع بهاتفه المعنوي كلامي هذا (وهو على بعد مسيرة سبعة ايام). فكتب اليّ -في الوقت نفسه- يقول: (نعم يا أستاذي.. انها من إحدى كرامات رسائل النور وخصائصها أنها لا تعطي الحصان اللحم ولا الأسد العشب، بل تعطى الحصان العشب و الأسد اللحم!) حتى أعطى ذلك العالِم رسالة الإخلاص، وبعد سبعة ايام تسلمنا رسالته هذه، وبدأنا بالعدّ والحساب فعلمنا انه قد كتب تلك العبارة الغريبة نفسها في الوقت الذي كنت ارددها من فوق جبل قسطموني.
فوفاة بطل معنوي مثل هذا البطل من أبطال النور، والمنافقون يسعون لإدانتنا وإنزال العقوبة بنا، علاوة على قلقي المستمرّ من أخذهم إياي بأمر رسمي إلى المستشفى لمرضي الناشئ من التسمم.. في هذا الوقت وجميع هذه المضايقات تحيط بنا، إذا بالعناية الإلهية تأتي لإمدادنا؛ فلقد أزال الدعاء الخالص المرفوع من قبل إخواني الطيبين خطر التسمم. وهناك أمارات قوية جداً تدل على أن ذلك البطل الشهيد منهمك في قبره
---------------------
(2) الشعاعات/383
(3) هذه هي المرة الثالثة لتسميم الأستاذ النورسي، أما الأولى فبلقاح الجدري والثانية كانت شديدة جداً (كما في الشعاعات/387)