برسائل النور، وانه يجيب بها عن أسئلة الملائكة. وان بطل دنيزلي (حسن فيضي) (تغمده الله برحمته) وأصدقاءه الأوفياء سيحلون محله فيقومون بمهمته في خدمة النور سراً.. وان أعداءنا قد انضموا إلى الرأي القائل بضرورة إخراجنا من السجن خوفاً من سعة انتشار الرسائل بين المساجين وسرعة استجابتهم لها ليحولوا بيننا وبين السجناء وقد حوّل تلاميذ النور تلك الخلوة المزعجة إلى ما يشبه كهف أصحاب الكهف، أولئك الذين آمنوا بربهم فزادهم هدى، أو ما يشبه مغارات المنزوين من الزهاد، وسعوا بكل اطمئنان وسكينة في كتابة الرسائل ونشرها.. كل ذلك أثبت ان العناية الإلهية كانت تمدّنا وتغيثنا.
ولقد خطر للقلب: ما دام الإمام الأعظم (أبو حنيفة النعمان) وامثاله من الأئمة المجتهدين قد أوذوا بالسجن وتحملوا عذابه، وان الإمام احمد بن حنبل وامثاله من المجاهدين العظام قد عذّبوا كثيراً لاجل مسألة واحدة من مسائل القرآن الكريم. وقد ثبت الجميع أمام تلك المحن القاسية وكانوا في قمة الصبر والجلد، فلم يُبد أحدهم الضجر والشكوى، ولم يتراجع عن مسألته التي قالها. وكذا علماء عظام كثيرون وأئمة عديدون لم يتزلزلوا قط أمام الآلام والأذى الذي نزل بهم، بل صبروا شاكرين لله تعالى، مع أن البلاء الذي نزل بهم كان أشدّ مما هو نازل بكم، فلابد أن في أعناقكم دَين الشكر لله تبارك وتعالى شكراً جزيلاً على ما تتحملونه من العذاب القليل والمشقة اليسيرة النازلة بكم في سبيل حقائق عديدة للقرآن الكريم مع الثواب الجزيل والأجر العميم.(1)
عزاء جميل وفي أنسب وقت:
اخوتي الأعزاء الأوفياء!
لكل مصيبة نقول: ﴿إنّا لله وإنّا إليهِ راجِعون﴾(البقرة:156)
اعزّي نفسي واعزّيكم واعزّي رسائل النور. ولكني أهنئ المرحوم (الحافظ علي) وأهنئ مقبرة (دنيزلي) لان أخانا الرائد الذي أدرك حقيقة (رسالة الثمرة) علم اليقين، قد ترك جسده في القبر، صاعداً كالملائكة إلى النجوم وعالم الأرواح، لاجل الارتقاء إلى مقام عين اليقين وحق اليقين، وخلد إلى الراحة والسكون متسرحاً عن وظيفته التي ادّاها حق الأداء.
---------------
(1) اللمعات/405-407