بقة الفراش بعد قراءتهم لتلك الرسالة. مما دفع هذا الوضع مدير السجن على الإقرار بان السجن اصبح في حكم مدرسة تربوية.. كل هذا حجة قوية لا تجرح لصدق مدعانا.
نعم، ان تجريدي من جميع حقوقي الإنسانية بعد هذا كله إنما هو ظلم مضاعف وعذاب مضاعف وغدر وخيانة لهذه الأمة في الوقت نفسه. ذلك لأن الدليل القاطع على ان هذه الأمة المتدينة -التي لم يجد أحد أي ضرر مني رغم بقائي ما يقرب من أربعين سنة بين ظهرانيهم- بحاجة إلى قوة معنوية وتسل عظيم، هو: ان الأمة لا تلتفت إلى الدعايات المغرضة المشاعة ضدي، فتتوجه في كل مكان إلى رسائل النور وتشتاق إليها.. بل اعترف انهم يبدون من التوقير والاحترام لي يفوق ما استحقه بمائة ضعف، فأنا لست أهلاً له.(1)
”ورغم هذا هيأ الله أسرة (چالشقان) في أميرداغ فبذلوا كل ما في وسعهم شيباً وشباباً لتأمين راحة شيخ كبير وعالم فاضل مهما كانت التبعات، حيث كان الحارس ملازماً بابه لا يغادره.“(2)
منع الذهاب إلى المسجد:
كنت أتردد إلى المسجد في الأوقات الخالية. وصنع الطلاب -بدون علمي- في المحفل غرفة خشبية صغيرة لحمايتي من البرد. وقد قررت ألاّ اذهب إلى المسجد، بعد أن رفع ضابط الأمن المعروف تلك الغرفة الصغيرة، وأبلغوني رسمياً: عليك ألاّ تذهب إلى المسجد. ولكنهم أثاروا ضجة بين الناس باستهوالهم الأمر، جاعلين من الحبة قبة.(3)
-----------------
(1) الملاحق - (أميرداغ) 1/230 على الرغم من ان الأستاذ النورسي لم يراجع الجهات الرسمية طوال فترة سجنه او نفيه في غضون ما يقرب من عشرين سنة خلت ولم يُستدع الى مقر الوالي الاّ مرة واحدة في قسطموني، الاّ انه في هذه الفترة من حياته في (أميرداغ) اي خلال ثلاث سنوات ونصف السنة أُستدعي خمس عشرة مرة من قبل المراجع الرسمية منها دائرة الامن او مخفر الشرطة او العدلية.. وفي الوقت نفسه نراه يقدم عرائض الى الجهات المسؤولة لبيان الظلم الواقع عليه كالمذكورة اعلاه، وعريضة مقدمة الى وزير الداخلية والى مدير الامن العام، والى مدير امن آفيون، والى رئيس مجلس الامة والمسؤولين في آنقرة والى رئيس الجمهورية والى المدعي العام والى حاكم التحقيق لأميرداغ.. كل ذلك دليل على مدى الظلم المجحف الذي كان يرزخ تحته. (ب2/1206).
(2) T.H.Emirdağ Hayatı
(3) الملاحق - اميرداغ 1/ 279