دس السم في الطعام:
وبأمر من السلطات، تسور أحد الحراس ليلاً شباك غرفة الأستاذ ودسّ السم في طعامه. ومن غده أمضّه الألم أسبوعا كاملاً من شدة السم ولم يذق طعاماً ولا شراباً الاّ النزر اليسير. فنجّاه الله من الموت المحقق، وكان في هذه الفترة دائم التلاوة للأوراد والأذكار وبخاصة الجوشن الكبير والأوراد القدسية للشاه النقشبند. وتكررت الحادثة ثلاث مرات، الاّ ان الأخيرة كانت شديدة إلى الدرجة التي لم يتمكن الأستاذ فيها من أداء صلواته سوى الفرائض وهو طريح الفراش. يذكر طالبان من طلابه الذين سهروا عليه انه في يوم من الأيام استعدل في فراشه قرب الفجر مغمض العينين، ورفع يديه للتضرع إلى المولى الكريم ودعا بصوت خافت جداً لظهور دعوة النور وسلامة طلابه. ثم أغمى عليه ووقع في الفراش.(1)
كان الأستاذ شديد الحاجة إلى الهواء الطلق، فكان يخرج للتجوال في ضواحي المدينة، والمراقبة تتعقبه حتى أطلق عليه أحد المرات طلقة من الخلف ولكن لم تصبه، كل ذلك لإزعاجه والتخلص منه.
ومن المضايقات ايضاً التعرض لقيافته وإكراهه على لبس القبعة .حتى جُلب مرتين إلى المحكمة والادعاء العام لهذا الغرض، فرفض الأستاذ وعاد إلى غرفته منزوياً.(2) [يقول عن هذه الفترة من حياته]:
فأتتني العناية الإلهية مغيثة، إذ وهبتْ آلة الرونيو -التي ظهرت حديثاً- لطلاب (مدرسة الزهراء) وهم يحملون اقلاماً ماسية. فباتت (رسائل النور) تظهر بخمسمائة نسخة بقلم واحد. فتلك الفتوحات التي هيأتها العناية الإلهية لرسائل النور جعلتني أحب تلك الحياة الضجرة القلقة المضطربة، بل جعلتني اردد ألف شكر وشكر للبارئ سبحانه وتعالى.(3)
هكذا تقتضي خدمة الإيمان:(4)
---------------------
(1) T.H.Emirdağ Hayatı يمكن درج حوادث تسميم الأستاذ حتى الآن بالآتي:
1- في انقرة - في مجلس النواب بالابرة - سنة 1922-1923
2- في سجن اسكي شهر سنة 1935
3 ،4، 5 - في قسطموني سنة 1936-1943
6 ،7، 8 - في سجن (دنيزلي) سنة 1943-1944 حيث استشهد في التسميم الثالث "الحافظ علي"
9 ،10، 11- في اميرداغ سنة 1945-1946 حيث استشهد في التسميم الثالث "حسن فيضي"(ب2/1119)
(2) T.H.Emirdağ Hayatı
(3) اللمعات/394وقد دخلت آلة الرونيو تركيا سنة 1946 فبادر طلاب النور الى شرائها، ونشط كل من "إسپارطة" و "اينوبولو" في نشر الرسائل بالرونيو، وأوصلوها الى اغلب المدن والقرى في تركيا خلال سنة ونصف السنة ولم تصدر رسائل النور الى خارج تركيا الاّ بعد السماح للناس بالسفر الى الحج سنة 1947.
(4) يبين الأستاذ في هذه الرسالة ما استعمله الأعداء بحقه من مظالم وما يجب عليهم من العمل لخدمة الإيمان والقرآن في تلك الايام الحالكة.