وسيُعذب قسم منهم عذاباً وجدانياً طالما هو في الدنيا حتى يُقضى عليه. فضلاً عن القلق والخوف من الإعدام الأبدي الذي ينتظرهم. وأنا بدوري تركت الغضب جانباً وأشفقت عليهم قائلا: يا رب أصلح شأن هؤلاء.
إنني اشكر ربي الجليل واشعر بفرح غامر ضمن المضايقات الرهيبة، إذ إن انشغالهم بي بدلاً من رسائل النور وطلابها وصبّهم العذاب عليّ وحدي، ينفع من حيث سلامة النوريين فضلاً عن كسب الثواب لي .
رابعاً: أما ما ذكرته في رسالتك حول مراجعتك الحكومة الحاضرة إذا اقتضى الأمر لذهابي إلى الشام أو الحجاز لضمان راحتي... فأقول:
أولاً: انه يجب عليّ المجئ إلى هنا حتى لو كنت في مكة المكرمة وذلك إنقاذاً للإيمان وخدمة للقرآن الكريم، فالحاجة هنا شديدة جداً.
فلو أملك ألف روح وروح، وابتليت بألف مرض ومرض، وقاسيت الوفاً من صنوف الآلام والمصاعب، فان قراري -وقرارنا- هو البقاء هنا، خدمة لإيمان هذه الأمة وسعياً لإكسابهم السعادة الأبدية، ذلك ما تعلمناه من دروس القرآن الكريم.
ثانياً: تكتب اليّ -يا أخي- عن الإهانة التي أقابل بها بدلاً من الاحترام والتقدير وتقول: (لو كنتَ في مصر أو أمريكا لكنتَ تُذكر في التاريخ بإعجاب وفخر.)
أخي العزيز الفطن!
نحن نهرب هروباًً من احترام الناس إيانا وتوقيرهم لنا وحسن ظنهم بنا وإكرامهم لنا وإعجابهم بنا، وذلك بمقتضى مسلكنا.
فاللهاث وراء الشهرة التي هي رياء عجيب، ودخول التاريخ بفخر وبهاء، وهو عُجب ذو فتنة، وحب الظهور وكسب إعجاب الناس.. كل ذلك مناف ومخالف للإخلاص الذي هو أساس من أسس مسلك النور وطريقه.
فنحن نجفل ونهرب مذعورين من هذه الأمور باعتبارنا الشخصي؛ ناهيك عن الرغبة فيها.