السيرة الذاتية | الفصل الثامن | 368
(359-384)

سؤال:
لِمَ لا تكوّن علاقة ولا تمد وشائج ارتباط مع التيارات الجارية داخل البلاد وخارجها، ولا سيما مع الجماعات ذات الاهتمامات السياسية، بل ترفض ذلك وتمنع -ما وسعك- طلاب النور عن أي تماسٍ كان بتلك التيارات! والحال انك لو كونت علاقة معهم فان ألوف الناس سيدخلون دائرة رسائل النور زرافات ووحداناً وسيسعون لنشر حقائقها الساطعة، فضلاً عن انك لا تكون هدفاً إلى هذا الحد للمضايقات الشديدة التي لا مبرر لها؟
الجواب: ان أهم سبب لهذا الاجتناب وعدم الاهتمام بالتيارات الجارية، هو الإخلاص؛ الذي هو أساس مسلكنا، فالإخلاص هو الذي يمنعنا عن ذلك، لأن في زمن الغفلة هذا، ولاسيما من يحمل أفكاراً موالية إلى جهة معينة، يحاول ان يجعل كل شئ أداة طيعة لمسلكه، بل يجعل حتى دينه وأعماله الأخروية وسائل لذلك المسلك الدنيوي. بينما الحقائق الإيمانية والخدمة النورية المقدسة تأبى ان تكون وسيلة لأي شئ كان في الكون، ولا يمكن ان تكون لها غاية الاّ رضى الله سبحانه.
وفي الحقيقة، انه من الصعوبة بمكان، الحفاظ على سر الإخلاص في خضم الصراعات المتنافرة للتيارات الحالية، ومن العسير الحيلولة دون جعل الدين وسيلة لمكاسب دنيوية، لذا فان أفضل علاج لهذا هو الاستناد إلى العناية الإلهية وتفويض الأمر إلى توفيق رب العالمين بدلاً من الاستناد إلى قوة التيارات الحالية.
وهناك سبب آخر -من جملة الأسباب الداعية لاجتنابنا هذا هو (الشفقة) التي هي أساس من الأسس الأربعة لرسائل النور- أي عدم التلوث بظلم الآخرين وإضرارهم.
إذ الإنسان - بضمون الآية الكريمة: ﴿ان الإنسان لظلوم كفار﴾(إبراهيم:34) يرد معاملة المقابل له في هذا العصر بلا رحمة وبظلم شنيع مخالفاً بذلك الآية الكريمة: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾(فاطر:18) التي هي دستور الإرادة الإلهية. حيث تتغلب عليه العاطفة والانحياز

لايوجد صوت