السيرة الذاتية | الفصل الثامن | 371
(359-384)

فبينما الأمور تقتضي هكذا، اجعل من نفسي مثالاً فأقول:
ان منعي عن كل شئ، وحظر الاتصال معي، وقطع طريق العون اليّ، زد على ذلك تهوين قوة زملائي المعنوية ببث الدعايات المغرضة بكل ما أوتوا من قوة واستعمال شتى الوسائل ما استطاعوا إليها سبيلاً لتنفيرهم عنّي وعن رسائل النور. اقول: في مثل هذه الظروف وضمن هذه الشروط فان وضع مهمة ترزح تحتها ألوف الأشخاص، على كاهل شخص عاجز مثلي، وأنا الضعيف المريض العجوز الغريب عن بلاده، والمحروم من الأهل والأقارب. فضلاً عن تجنيب الناس عن الاتصال معي وكأنني مصاب بمرض معدٍ، حتى اضطر إلى الابتعاد وعدم الاختلاط.. زد على ذلك إلقاء الرعب والأوهام في قلوب الناس وإحاطتهم بهالة من الذعر والخوف لإبعادهم عن خدمة الإيمان، وذلك للفتّ من القوة المعنوية.. ففي مثل هذه الأحوال وتجاه جميع تلك الموانع فان الأمر يقتضي حشد قوى معنوية حول رسائل النور ببيان الإكرامات الإلهية التي هي مدار القوة المعنوية لطلاب النور، وإظهار قوتها بقوة جيش عظيم لا تحتاج إلى إمداد أحد من الناس، بل هي التي تتحدى الأعداء.. فلأجل هذه الحكم المذكورة آنفاً كُتّبت الإكرامات وامثالها. والاّ فنحن لا نريد مزايدات على أنفسنا، وجلب إعجاب الناس بنا وحضهم على القيام بمدحنا والثناء علينا، وذلك حفاظاً على الإخلاص الذي هو أساس مهم من أسس رسائل النور.(1)
إنقاذ الإيمان أعظم إحسان في هذا الزمان:
اخوتي الأعزاء الصادقين!
ان اعظم إحسان اعدّه في هذا الزمان وأجلّ وظيفة، هو إنقاذ الإنسان لإيمانه والسعي لإمداد إيمان الآخرين بالقوة. فاحذر يا أخي من الأنانية والغرور وتجنب من كل ما يؤدي إليهما، بل ينبغي لأهل الحقيقة في هذا الزمان نكران الذات، ونبذ الغرور والأنانية، وهذا هو الألزم لهم، لأن أعظم خطر يتأتى في هذا العصر، إنما يتأتي من الأنانية والسمعة، فعلى كل فرد من أفراد أهل الحق والحقيقة ان ينظر إلى تقصيرات نفسه ويتهمها دائماً ويتحلى بالتواضع التام.
انه لمقام عظيم حفاظكم ببطولة فائقة على إيمانكم وعبوديتكم لله، تحت هذه الظروف القاسية ...
-------------------

(1) الملاحق - أميرداغ 1/251-252

لايوجد صوت