إلى جهة، وعندها لا يقصر عداءه على المجرم وحده ولا يأخذ بجريرته جميع أقاربه وحدهم، بل أيضاً يعاقب كل مَن له صلة بالمجرم من قريب أو بعيد، حتى انه إذا ما كان له سلطة أو حكم، يبيد قرية كاملة بالقنابل بجريرة مجرم واحد. بينما الإنصاف يقتضي الاّ يُضحّى بحق برئ واحد بسبب مائة مجرم وان لا يُظلم ذلك البرئ بسببهم. ولكن الوضع الحالي يخالف الآية الكريمة، فيقحم مائة من الأبرياء في بلايا وأضرار بسبب بضع مجرمين، فمثلاً:
ان إهلاك والدين عجوزين لمن ارتكب خطأ، وتشريد أطفاله الصغار ودفعهم جميعاً إلى هاوية الفقر والذل ومعاداتهم بالانحياز إلى جهة ما مناف كلياً لأساس الشفقة على الخلق.
فمن جراء الانحياز إلى التيارات الجارية -بين المسلمين- لا ينجو الأبرياء من الظلم بل يشيع شيوعاً كلياً ولا سيما بالأسباب الداعية إلى قيام الاضطرابات والثورات.
ولو كان الجهاد قائماً وهو جهاد إسلامي، فان حال أطفال الكفار تبقى على وضع آبائهم، وربما يكونون من الغنائم ويتمكن المسلمون ان يجعلوهم تحت إمرتهم وملك يمينهم. ولكن لو ارتد أحد داخل ديار المسلمين، فلا يُمتلك أطفاله قطعاً. ولا يجوز التجاوز على حقوقهم بأي شكل من الأشكال. لأن أولئك الأبرياء إنما يرتبطون بالإسلام وبجماعة المسلمين، برابطة الإسلام، التي انقطعت عن والدهم.أما أولاد الكفار فرغم انهم من أهل النجاة، فانهم يتبعون والدهم في الحقوق والحياة. لذا ربما يكونون أسراء أو مماليك عبيد في أثناء الجهاد الإسلامي.(1)
الرسائل مُلك القرآن:
وأعلن هذا ايضاً إعلاناً صريحاً قاطعاً:
ان رسائل النور مُلك القرآن العظيم، فأنّى لي الجرأة ان ادّعي تملكها! لذا لا تسري أخطائي وتقصيراتي فيها قطعاً، فأنا لست الاّ خادماً مذنباً لذلك النور الباهر،ودلالاً داعياً في متجر المجوهرات والألماس. فأحوالي المضطربة لا تؤثر فيها ولا تمسها أصلاً.
وفي الحقيقة ان الدرس الذي لقنتنا إياه رسائل النور هو التمسك
-------------------
(1) الملاحق - أميرداغ 1/243