السيرة الذاتية | الفصل الثامن | 382
(359-384)

سيلطخ قسم من الجيل الآتي ذلك الماضي المجيد لهذه الأمة المضحية منذ ألف سنة، بلطخات رهيبة قد تقضي عليه بعد خمسين سنة.
لذا فان إنقاذ قسم من هذا الجيل من ذلك التردي المريع بتزويده بالحقائق التي تحتويها رسائل النور تعد افضل خدمة لهذه الأمة ولهذا الوطن. فنحن لا نخاطب إنسان هذا الزمان بل نفكر بإنسان ذلك الزمان.
نعم أيها السادة! على الرغم من ان رسائل النور لا تسدد نظرها الاّ إلى الآخرة ولا تهدف غيرها وليست لها غاية سوى رضا الله وحده وإنقاذ الإيمان، ومسعى طلابها ليس الاّ إنقاذ أنفسهم ومواطنيهم من الإعدام الأبدي والسجن الإنفرادي الأبدي، فإنها في الوقت نفسه تقدم خدمة جليلة ايضاً تعود فائدتها للدنيا وإنقاذ هذه الأمة والبلاد من براثن الفوضى و إنقاذ ضعفاء الجيل المقبل من مخالب الضلالة المطلقة، لان المسلم لا يشبه غيره، فالذي يحل ربقته من الدين ليس أمامه الاّ الضلالة المطلقة فيصبح فوضوياً ارهابياً، ولا يمكن دفعه إلى الولاء للإدارة والنظام.
نعم في الوقت الذي نجد خمسين بالمائة ممن تربوا بالتربية القديمة لا يكترثون بالأعراف الشعبية والإسلامية، فانه بعد خمسين سنة يسوق تسعون بالمائة منهم هذا الوطن والأمة -بنفوسهم الأمارة بالسوء- إلى فوضى ضاربة أطنابها. فلا شك ان التفكر في هذا البلاء العظيم ومحاولة التحري عن أسباب لدفعه، هو الذي دفعني قبل عشرين سنة إلى ترك السياسة كلياً وعدم الانشغال مع أناسي هذا الزمان، مثلما دفع رسائل النور وطلابها إلى قطع علاقتهم مع صراعات هذا الزمان. فلا مبارزة معهم ولا إنشغال بهم.
ومادامت هذه هي الحقيقة، فان الواجب الأول لجهاز العدالة ليس

لايوجد صوت