الإيمانية ولا التهوين من شأنها، بل يعجزون عن ان يجعلوا محبين جدداً يتخلون عن خدمة الإيمان، رغم ما كدّروا من صفاء أذهانهم وقلوبهم.
فلأجل هذه الحقيقة، ولأجل طغيان الأنانية وهيمنتها الواسعة في هذا الزمان، ارفض حسن الظن المفرط بشخصي الذي يفوق كثيراً حدّي وطوقي، لأني كاخوتي، لا أحسن الظن بنفسي، فضلاً عن ان المقام الأخروي الذي منحه اخوتي أخاهم هذا الفقير ان كان مقاماً دينياً حقيقياً، وان كنت اعلم ان نفسي أهلاً له -حاش لله- فهذا دليل على عدمه، ولو كنت أرى نفسي فارغاً عن ذلك المقام يلزم اذاً عدم قبول هداياهم ومنحهم كذلك، وذلك -حسب القاعدة المذكورة في المكتوب الثاني- فضلاً عن ان الذي يرى نفسه صاحب مقام فالأنانية ربما تتداخل في الأمر.(1)
أغلقتُ منافذ النفس:
اخوتي الأوفياء الصادقين!
جاءني عدد من الأطباء من أركان طلاب النور، حينما اشتدت وطأة المرض عليّ. الاّ أنني لم أفاتح أولئك الصادقين المخلصين حول مرضي الشديد، ولم أتناول علاجاتهم، بل لم أشاورهم أصلاً في شؤون الأمراض التي المّت بي رغم ان الآلام كانت تعصرني وأنا في أمسّ الحاجة إليهم. فلما رأوني لا أدير الحديث حول المرض قطعاً، اعتراهم قلق واضطراب. لذا اضطررت إلى بيان حقيقة ذات حكمة. وها أنذا أرسلها إليكم علّها تفيدكم أيضاً.
قلت لهم: ان أعدائي المتسترين، ونفسي الأمارة بالسوء، ينقبان معاً -بإيحاء من الشيطان- عن طبع ضعيف عندي وعرق واهٍ في خلقي، ليستحوذوا عليه، ويُخلّوا بسببه بخدمتي الإيمانية المخلصة ويعرقلوا نشر الأنوار.
حقاً! ان أضعف جانب عند الإنسان، واخطر مانع للعمل، إنما هو المرض، لانه إذا اهتم المريض بمرضه كثيراً اشتدت أحاسيس الجسد عليه وسيطرت حتى يجد نفسه مضطراً.. فتُسكت الروحَ والقلب عندئدٍٍَ وتجعل الطبيب كأنه حاكم مستبد، تلجؤه إلى إطاعة توصياته وعلاجاته.
وهذا هو الذي يخلّ بخدمة الإيمان المتسمة بالتضحية والفداء والإخلاص التام.
-------------------
(1) الملاحق - أميرداغ 1/307