السيرة الذاتية | الفصل التاسع | 395
(385-440)

فإذا كانت هذه هي الحقيقة. فلا شك ان اكثر أولئك الذين يتعرضون لأجزاء رسائل النور إنما يخونون الوطن والأمة والسيادة الإسلامية. ويعملون -سواءً بعلم او بدون علم- لحساب الفوضوية والتطرف.
ان مائة وثلاثين رسالة من أجزاء رسائل النور التي منحت مائة وثلاثين حسنة وفائدة لهذه البلاد، لا تزيلها الأضرار الموهومة التي بتوهمها أهل الغفلة القاصرو النظر الشكاكون، من نقص وقصور في رسالتين او ثلاث. فالذي يهوّن من شأن تلك الرسائل بهذه الأوهام والشبهات ظلومٌ مبين.
أما تقصيراتي وذنوبي التي تمس شخصي الذي لا أهمية له، فاني اضطر دون رغبة مني إلى القول:
ان الذي قضى حياة الاغتراب التي هي أشبه ما تكون بالسجن الإنفرادي طوال اثنتين وعشرين سنة، معتكفاً ومنزوياً عن أحوال الناس. والذي لم يخرج باختياره طوال هذه الفترة إلى مجمع الناس في السوق وفي الجوامع الكبيرة. والذي اجري عليه اشد أنواع الضيق والعنت وخالف أمثاله من المنفيين فلم يراجع الحكومة ولو لمرة واحدة. ولم يقرأ جريدة ولم يستمع إليها، بل لم يكترث بها طوال هذه الفترة.
وخير شاهد على هذا القريبون من أصدقائه واحبّائه خلال سنتين في قسطموني وخلال سبع سنوات في أماكن أخرى. بل لم يعرف أحداث الحرب العالمية ولا المنتصر من المغلوب، ولم يهتم بالمعاهدة والصلح، بل لم يعرف حتى من هم أطراف الحرب، ولم يتحرك فضوله لمعرفتهم، ولم يسأل عنهم ولم يستمع إلى الراديو القريب منه خلال ثلاث سنوات سوى ثلاث مرات. والذي يواجه الكفر المطلق برسائل النور، ذلك الكفر الذي يفني الحياة الأبدية ويزيد آلام الحياة الدنيا ويجعلها عذاباً في عذاب. والشاهد الصادق لذلك مائة ألف ممن أنقذوا إيمانهم برسائل النور المترشحة من فيض نور القرآن العظيم والتي تجعل الموت بحق مائة ألف شخص تذكرة تسريح بدلاً من الاعدام الابدي.
ترى أي قانون يسمح بالتعرض لهذا الرجل -يقصد نفسه- وجعله في يأس من الحياة، ودفعه إلى البكاء والحزن، مما يدفع مائة ألف من إخوانه إلى البكاء؟ بل أية مصلحة في ذلك؟.

لايوجد صوت