وأقول للقدر العادل:
انني كنت مستحقاً لصفعاتك العادلة لانني سلكت مثل الآخرين طريقاً -هي بذاتها مشروعة ولا ضرر منها- فكرت فيها بشخصي، ولو لم أضح بمشاعري في الفيوضات المادية والمعنوية، لفقدت هذه القوة المعنوية الكبيرة في أثناء تأدية خدماتي من أجل الحفاظ على الإيمان. لقد ضحيت بكل شئ وتحملت كل اذى، وبذلك انتشرت الحقائق الإيمانية في كل مكان، ونشأ مئات الآلاف -بل ربما الملايين- من طلاب مدرسة النور ونهلوا من معارفها. وهؤلاء هم الذين سيستمرون في هذه الطريق في خدمة الإيمان، ولن يحيدوا عن طريقتي في التضحية بكل شئ مادياً كان أو معنوياً، إذ سيكون سعيهم لله سبحانه وتعالى وحده دون غيره.
ان الكثيرين من طلابي قد ابتلوا بشتى انواع البلايا والمصائب، وتعرّضوا لصنوف العذاب والمتاعب، واجتازوا امتحانات عسيرة بفضل الله. انني اطلب منهم ان يتجاوزوا -مثلي- عمن اقترف تلك المظالم وهضم الحقوق، لان أولئك قد ارتكبوا تلك الأمور عن جهل منهم و الذين آذونا وعذبونا، ساعدوا على نشر الحقائق الإيمانية دون ان يدركوا تجليات أسرار القدر الالهي.. ووظيفتنا تجاه هؤلاء هي التمني لهم بالهداية.
اوصي طلابي الاّ يحمل أحد منهم شيئاً من روح الانتقام في قلبه ولو بمقدار ذرة، وان يسعوا سعياً جاداً لنشر رسائل النور وليرتبطوا بها ارتباطا وثيقاً. انني مريض جداً.. لا طاقة لي لا في الكتابة ولا في الحديث.. وقد يكون هذا آخر أقوالي.. فعلى طلاب رسائل النور لمدرسة الزهراء الاّ ينسوا وصيتي هذه.(1)
سنة 1952 (2)
قضية (مرشد الشباب)(3)
---------------------
(1) الملاحق-اميرداغ 2/368
(2) من هنا الى نهاية الفصل نقول مترجمة من T.H.Emirdag Hayatı
(3) رغم التبدل الذي حدث في السلطة، فالعقلية الحاكمة على اغلب المسؤولين هي نفسها عقلية الحزب الشعب الجمهوري ولهذا فتح المدعى العام في كل من اميرداغ، استانبول، صامسون، دعاوى على الأستاذ النورسي، وفُتش بيته عدة مرات واُستدعى هو وضيوفه وزواره الى المخفر واشيعت عنه إشاعات مغرضة كثيرة؛ كل ذلك لإلقاء الظل على العهد الديمقراطي انه ليس بجانب المتدينين. وبالمقابل كتب الأستاذ وطلابه عرائض احتجاج الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لبيان الموقف وجرت مقابلات مع عدد من النواب ورئيس رئاسة الشؤون الدينية بهذا الشأن.