السيرة الذاتية | السنوات الأخيرة في إسثارطة | 486
(441-494)

يتضايق من المصافحات كأنه يتلقى الصفعات. فسئل عنه (ما حالك؟ فما دام لك اصحاب يتجاوزون الملايين، فلماذا لا تحافظ على احترامهم لك وتوقيرهم اياك؟) فاجاب قائلاً:
- مادام الإخلاص التام هو مسلكنا. فبمقتضى الإخلاص التام لابد من التضحية والفداء ليس بالانانية فحسب، بل لو منحت سلطنة الدنيا يستوجب تفضيل مسألة ايمانية واحدة باقية على تلك السلطنة. لذا فقد فضل نكتة دقيقة قرآنية في آية واحدة او في حرف منها في الحرب، وفي الخط الامامي بين قنابل مدافع الأعداء فامر طالبه المسمى بـ(حبيب): (اخرج الدفتر) فاملى عليه تلك النكتة وهو يمتطي صهوة جواده. أي انه لم يترك حرفاً واحداً ونكتةً واحدة من القرآن الكريم مقابل قنابل الأعداء بل يفضلها على إنقاذ حياته.
فسألنا ذلك الاخ: (من اين تلقيت هذا الإخلاص العجيب) فقال:
- من نقطتين...
الأولى: ان في غزوة بدر التي هي من اعظم الغزوات الإسلامية، وضع قسم من المجاهدين اسلحتهم ووقفوا لاداء الصلاة جماعة بينما القسم الاخر وقفوا مسلحين حذرين. ثم التحقوا بالصلاة كسبا لثواب الجماعة كما امر به رسول اللهy. فمادام هذه الرخصة موجودة في الحرب. ومادام ثواب الجماعة رغم كونه سنة قد فضّل على اكبر حادثة في الدنيا لأجل رعاية تلك السنة النبوية فنحن نستلهم من الرسول الأعظمy هذه النكتة الصغيرة ونتبعها بروحنا وانفسنا.
الثانية: ان الامام علي رضي الله عنه قد طلب من الله سبحانه وتعالى في اماكن كثيرة من قصيدته (البديعية) ولاسيما في اواخرها حاميا يحميه من طروء الغفلة في خشوعه عند وقوفه في الصلاة. فطلب من الرب الجليل عفريتاً من الجن ليحميه مما يمكن أن يحدثه الأعداء من خلل في اطمئنانه وخشوعه في الصلاة.
ان اخاكم هذا المسكين الضعيف، الذي قضى صفوة عمره في الانانية في هذا الزمان، قد تلقى هاتين النكتتين الصغيرتين من سيد

لايوجد صوت