ويا اخوتي، تعلمون انني لا أقبل الصدقات والمعونات، كما لا أكون وسيلة لأمثالها من المساعدات، لذا ابيع ملابسي الخاصة وحاجياتي الضرورية، لأبتاع بثمنها -من اخوتي- كتبي التي استنسخوها وذلك لأحول دون دخول منافع دنيوية في اخلاص رسائل النور، لئلا يصيبها ضرر. وليعتبر من ذلك الاخوة الآخرون، فلا يجعلوا الرسائل وسيلة لأي شئ كان.(1)
ان السبب المهم للاستغناء عن الناس هو ما يقوله ابن حجر(2). الموثوق حسب مذهبنا (الشافعي): يحرم قبول ما يوهب لك بنية الصلاح، ان لم تكن صالحاً.(3)
نعم ان انسان هذا العصر يبيع هديته البخسة بثمن باهظ، لحرصه وطمعه، فيتصور شخصاً مذنباً عاجزاً مثلي ولياً صالحاً، ثم يعطيني رغيفاً هديةً. فاذا اعتقدت انني صالح -حاش لله- فهذا علامة الغرور، ودليل على عدم الصلاح. وان لم اعتقد بصلاحي، فقبول ذلك المال غير جائز لي.
وايضاً ان أخذ الصدقة والهدية مقابل الاعمال المتوجهة للاخرة يعني قطف ثمرات خالدة للآخرة، بصورة فانية في الدنيا.(4)
هذا وان اسباباً كثيرة تمنعني عن قبول الهدايا، اذكر اهمها وهو: الإخلال بالعلاقة الخالصة الحميمة بيني وبين طلاب النور، علاوة على انني لست محتاجاً حاجة ماسة، وذلك بفضل الالتزام بالاقتصاد والقناعة والبركة، بل لا استطيع ان امدّ يدي إلى اموال الدنيا، فذلك خارج طوقي وارادتي.
------------------------
(1) الملاحق - اميرداغ 1 / 318
(2) احمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (909 - 974 هـ ) شيخ الإسلام ابو العباس: فقيه باحث مصري له تصانيف كثيرة منها "الفتاوى الهيتمية" و "شرح الأربعين النووية" و "تحفة المحتاج لشرح المنهاج" في فقه الشافعية. و"شرح مشكاة المصابيح للتبريزي". عن الاعلام للزركلي .1/231
(3) "ومَنْ أُعطي لوصفٍ يُظنُّ به كفقرٍ أو صلاح أو نسبٍ بأن توفرّت القرائن انه إنما اُعطي بهذا القصد أو صرّح له المُعطي بذلك وهو باطناً بخلافه، حَرُم عليه الأخذ مطلقاً ومثله ما لو كان به وصفٌ باطناً لو أطّلع عليه المُعطي، لم يُعْطِهِ. ويجري ذلك في الهدية أيضاً على الأوجه. مثلها سائر عقود التبرّع فيما يظهر كهِبَةٍ ووصيةٍ ووقفٍ ونذر" (تحفة المحتاج لشرح المنهاج 7/ 178) لابن حجر الهيتمي الشافعي.
(4) المكتوبات / 17