وسأبين سبباً دقيقاً واحداً من بين الأسباب الكثيرة:
اتى صديق حميم تاجر، بمقدار من (الشاي) يبلغ ثمنه ثلاثين قرشاً، فلم اقبله.
فقال: لا تردّني خائباً يا استاذي، لقد جلبته لك من استانبول! فقبلته ولكن دفعت له ضعف ثمنه.
فقال: لِمَ تتعامل هكذا يا استاذي، ما الحكمة فيه؟
قلت: لئلا اُنزل قيمة الدرس الذي تتلقاه -وهو بقيمة الألماس- إلى قيمة قطع زجاجية تافهة. فانني ادع نفعي الخاص لاجل نفعك انت!
نعم! ان درس الحقيقة الذي تأخذه من استاذ لا يتنازل إلى حطام الدنيا ولا تزل قدمه إلى الطمع والذل، ولا يطلب عوضاً عن ادائه الحق والحقيقة، ولا يضطر إلى التصنع.. هذا الدرس هو بقيمة الألماس.
بينما الدرس الذي يُتلقى من استاذ اضطر إلى اخذ الصدقات، وإلى التصنع للاغنياء وإلى التضيحة حتى بعزته العلمية، في سبيل جلب انظار الناس إليه، فمال إلى الرياء امام الذين يتصدّقون عليه. وبهذا جوّز اخذ ثمرات الآخرة في الدنيا. اقول: ان هذا الدرس نفسه يهون في هذه الحالة إلى مستوى قطع زجاجية.(1)
3- عدم السؤال من أي أحد كان:
وذلك لما عاهد رسول اللهy في رؤياه،(2) مع إجابته عن كل سؤال يُسأل عنه باجوبة صائبة. فكان يقول: انني لا أنكر علم العلماء الافاضل، فلا داعي لطرح السؤال عليهم إمتحاناً لهم. ولكن إن كان أحد يشك في علمي فله أن يسأل ما يشاء من الاسئلة فانا أجيبه عنها.(3)
4- الزهد والعزوف عن الدنيا:
كان سعيد القديم يخبر طلابه -في مؤلفاته القديمة وفي افادة المرام لإشارات الاعجاز- ويقول لهم مكرراً : ستحدث زلزلة اجتماعية بشرية عظيمة، زلزلة مادية ومعنوية، وسيغبطونني على اعتكافي وانزوائي وبقائي عزباً.( 4
-----------------
(1) الملاحق- بارلا/ 57
(2) كما ذكرناه في فصل "المولد والنشأة"
(3) T. Hayat, ilk hayatı
(4) الملاحق -اميرداغ2 / 386