اللمعات | اللمعة الثانية | 13
(7-17)

لقد ابتلى رجل صالح من مدينة (أرضروم) بمرض خطير وبيل، وذلك في السنة الاولى من الحرب العالمية الاولى، فذهبت الى عيادته وبثّ لي شكواه:
- (لم أذق طعم النوم منذ مائة يوم..). تألمت لشكواه الاليمة هذه، ولكن تذكرت حينها مباشرة وقلت:
- أخي! ان الايام المائة الماضية لكونها قد ولت ومضت فهي الآن بمثابة مائة يوم مسرّة مفرحة لك، فلا تفكر فيها ولا تشكُ منها، بل انظر اليها من زاوية زوالها وذهابها، واشكر ربك عليها. أما الايام المقبلة فلأنها لم تأت بعد، فتوكل على رحمة ربك الرحمن الرحيم واطمئن اليها. فلا تبك قبل أن تضرب، ولا تخف من غير شىء، ولا تمنح العدم صبغة الوجود. اصرف تفكيرك في هذه الساعة بالذات، فان ما تملكه من قوة الصبر تكفي للثبات لهذه الساعة. ولاتكن مثل ذلك القائد الاحمق الذي شتت قوته في المركز يميناً وشمالاً في الوقت الذي التحقت ميسرة العدو الى صفوف ميمنة جيشه فأمدتها، وفي الوقت الذي لم تكُ ميمنة العدو متهيأة للحرب بعد.. فما أن علم العدو منه هذا حتى سدد قوة ضئيلة في المركز وقضى على جيشه.
فيا أخي ! لا تكن كهذا، بل حشّد كل قواك لهذه الساعة فقط، وترقب رحمة الله الواسعة، وتأمل في ثواب الاخرة، وتدبّر في تحويل المرض لعمرك الفاني القصير الى عمر مديد باق، فقدّم الشكر الوافر المسر الى العلي القدير بدلا من هذه الشكوى المريرة.
انشرح ذلك الشخص المبارك من هذا الكلام وانبسطت أساريره حتى شرع بالقول: الحمد لله. لقد تضاءل ألمي كثيراً.
النكتة الخامسة:
وهي ثلاث مسائل:
المسألة الاولى:
إن المصيبة التي تعدّ مصيبة حقاً والتي هي مضرة فعلاً، هي التي تصيب الدين فلابد من الالتجاء الى الله سبحانه والانطراح بين يديه

لايوجد صوت