الجواب:
اولا: كما ان الصانع ذا الجلال يظهر صنعته اظهاراً جميلاً في نظر مخلوقاته، ويأخذ الامور المستكرهة تحت أستار وحجب، ويزين نِعَمه ويجملها حتى لتشتاقها الابصار. كذلك يطلب سبحانه من مخلوقاته وعباده ان يظهروا امام ذوي الشعور بأجمل صورهم واكثرها حسناً؛ اذ ان ظهورهم للمخلوقات في حالات مزرية قبيحة، واوضاع مستهجنة، يكون منافياً للأدب الجميل ونوعاً من العصيان تجاه قدسية اسمائه أمثال: الجميل، المزين، اللطيف، الحكيم. وهكذا فالادب الذي في السنة النبوية الطاهرة انما هو تأدب بالادب المحض الذي هو ضمن الاسماء الحسنى للصانع الجليل.
ثانياً: ان الطبيب له ان ينظر الى أشد الاماكن حرمة لمن يحرم عليه، من زاوية نظر الطب والعلاج. بل يكشف له – في حالات الضرورة – تلك الاماكن ولا يعد ذلك خلافاً للأدب، وانما يعتبر ذلك من مقتضيات الطب. الا ان ذلك الطبيب نفسه لا يجوز له ان ينظر الى تلك الاماكن المحرمة من حيث كونه رجلا او واعظاً او عالماً، فلا يسمح الادب قطعاً باظهارها له بتلك العناوين والصفات. بل يعد ذلك انعداماً للحياء.
(ولله المثل الاعلى) فان للصانع الجليل اسماء حسنى كثيرة، ولكل اسم تجليه، فمثلا:
كما يقتضي اسم (الغفار) وجود الذنوب، واسم (الستار) وجود التقصيرات، فان اسم (الجميل) لا يرضى برؤية القبح. وان الاسماء الجمالية والكمالية، امثال: اللطيف، الكريم، الحكيم، الرحيم، تقتضى ان تكون الموجودات في احسن الصور، وفي افضل الاوضاع الممكنة. فتلك الاسماء الجمالية والكمالية تقتضى اظهار جمالها؛ بالاوضاع الجميلة للموجودات وتأدبها بالاداب الحسنة، امام انظار الملائكة والعالم الروحاني والجن والانس.